الخميس 18 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
«الحكيم» بريشة الفنان صلاح طاهر!

«الحكيم» بريشة الفنان صلاح طاهر!

ما أكثر الكتب والدراسات والأبحاث التى صدرت عن الأديب والمفكر الكبير الأستاذ «توفيق الحكيم»، وأظن أن من أهم وأمتع هذه الكتب كتاب «أحاديث مع توفيق الحكيم» وقد صدر عام 1971 أى منذ نصف قرن عن دار الكتاب الجديد فى 254 صفحة.



صاحب الفضل فى صدور هذا الكتاب هو الفنان التشكيلى الكبير الأستاذ «صلاح طاهر» وهو أيضًا أهم من قام برسم توفيق الحكيم عشرات البورتريهات الخالدة، وكلاهما - الحكيم وصلاح طاهر - تزاملا فى صحيفة الأهرام.

تضمن الكتاب 17 حوارًا مهمًا بأقلام نجوم الصحافة والأدب وإليك بعض عناوين هذه الحوارات: مكتبة فنان بقلم أحمد بهاء الدين، فلسفة البخل بقلم موسى صبرى، ابن البلد بقلم زكريا الحجاوى، إرادة الحياة بقلم د.يوسف إدريس، وتوفيق الحكيم يشرح مسرحه وفكره وفنه بقلم ألفريد فرج، قيمة العمل بقلم أحمد عبدالمعطى حجازى، والمخرج والمؤلف بقلم نعمان عاشور، وحوارات أخرى لفؤاد دوارة وغالى شكرى وثروت أباظة وكمال الملاخ وصافيناز كاظم وسكينة فؤاد!

يحكى الأستاذ «صلاح طاهر» حكاية هذا الكتاب فيقول: «خطرت لى فكرة جمع أحاديث توفيق الحكيم» فى كتاب واحد لما لاحظته وأنا أقوم بعمل صورة زيتية له أبرزت فيها ملامحه الداخلية إلى جانب الملامح الجسمانية الخارجية، إنه فى أحاديثه العابرة له ملامح ومعالم تضاهى ما أبرزه فى مؤلفاته، وكلما فاتحته فى أمر فكرتى هذه تردد وقال إنه سيكون هناك تكرار فى الأسئلة والأجوبة فى أغلب الأحاديث.

فقلت له: إن هذا بالذات هو الذى يؤكد أهمية وضرورة جمع هذه الأحاديث بحذافيرها دون حذف حرف من صلبها أو إطارها لأن فى ذلك تأكيدًا لأفكاره وملامحه وهى تعرض من زوايا مختلفة وسائلين مختلفين، فأذعن أخيرًا لرأيى  وشرعنا فى جمع ما استطعنا جمعه فى هذا الحيز المناسب لكتاب فى هذا الحجم.

وقد واجهتنا مشكلة ترتيب هذه الأحاديث، وهل تكون بحسب تواريخها أو موضوعاتها؟

وأخيرًا وجدنا أن الأبسط والأكثرتماشيًا مع المنطق هو أن ترتب حسب تواريخها، على أن تبدأ فى السنوات العشرين الأخيرة (1951-1971).

ويكمل الأستاذ صلاح طاهر قائلًا: وإذا لم تكن قد أتيحت لك فرصة الوجود فى جلسة مع «توفيق الحكيم» لترى كيف يتكلم وكيف يعلق أو يشرح وجهة نظره فى شىء فاعلم أنه يتكلم بكل خلية من خلايا كيانه الجسدى والنفسى، عيناه وتقاسيم وجهه ويداه وكتفاه وكل ما يمكن أن تقع عيناك عليه من شخص «الحكيم» فإنه يقول ما تقوله شفتاه، فشكله يتغير مع حديثه مائة مرة فى الدقيقة.

وقد شكل لى صعوبات لا حصر لها حينما كنت أصوره ولا أدرى كيف أتممت صورته من فرط التغييرات الشكلية المستمرة، هذا من جهة، ومن جهة أخرى لا يمكنك بحال من الأحوال أن يشرد ذهنك وأنت تستمع إليه، فكلماته مشحونة بطاقات نفسية وفكرية مضاعفة لا تسمح لك بالانصراف عنها مهما حاولت! وقد يشرد هو أحيانًا وأنت لا تستطيع أن تشرد! ثم هو بمهارته الحوارية يجعلك تصيغ أسئلتك كما يهوى هو لا كما شئت أنت دون أن تشعر، ويمكنه التملص بكل سهولة من أحرج الأسئلة أو يحولها إلى موضوع آخر يستهويك فتنسى ما جئت من أجله لكنك مع ذلك تخرج وأنت مرتاح النفس لشعورك بأن زادك الفكرى أو الروحى قد توالد وأثرى.

واختتم الفنان الكبير صلاح طاهر تقديمه بقوله: لذلك نرجو أن تكون فى أحاديثه المجموعة هنا فى كتاب ما يعوض القارئ عن اللقاء الشخصى، أحلم وأتمنى طباعة هذا الكتاب الجميل بعد مرور نصف قرن على صدور طبعته الأولى!