الخميس 18 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البرادعي وانتحار الحلم الرئاسي!
كتب

البرادعي وانتحار الحلم الرئاسي!




 


 

كرم جبر روزاليوسف اليومية : 29 - 10 - 2010



لم يفهم سر ابتسامة الناس في السيد البدوي والحسين
(1)
- الدكتور محمد البرادعي محبط ويائس، فقد خاب أمله في الرئيس الأمريكي أوباما «الذي أدار ظهره لتعزيز الديمقراطية في مصر».. والسؤال هنا: متي «وجه» أوباما ظهره للديمقراطية ومتي «أداره» حتي ييأس البرادعي؟
- متي كانت الديمقراطية رهناً بوقفة الحكام الأجانب وإشاراتهم، ودموعهم وابتساماتهم؟.. ألم ينمُ لعلم البرادعي أن المهبوش بوش الابن.. ساق علي مصر كل ألوان «الجنان الديمقراطي»، حتي أصابه اليأس والإحباط.
- بوش جرب معنا لعبة «العلبة دي فيها إيه»؟.. «فيها ديمقراطية» ولم يخرج من علبته سوي عفاريت وشياطين انطلقوا في العراق يلعبون «استغماية» الفوضي الخلاقة، وجلس كالطفل الشقي يضحك عليهم.
(2)
- الدكتور البرادعي يقول إن «ممارسة أوباما مزيداً من الضغط علي الرئيس مبارك يرجع لأوباما نفسه»، وكأن أوباما مثلاً هو ناظر مدرسة الديمقراطية في العالم، الذي يعطي «كحكة» للبليد و«نجمة» للشاطر.
- هل يجهل البرادعي أن رئيسه مبارك عنيد ودماغه ناشفة ولا يقبل ضغوطاً، وعندما ينقح عرق الكرامة الوطنية لا يقف أمامه أحد، وهي خط أحمر لا يسمح لأحد أن يقترب منه.
- هل غيرت الغربة هذه التقاليد الأصيلة لدي البرادعي، فأصبح لا يفرق بين رئيس النمسا ورئيس مصر، وبهرته أضواء منصبه الدولي المرموق، فأصبح التدخل الأجنبي أمراً عادياً لا يستنهض الكبرياء؟
(3)
- الدكتور البرادعي يقف علي شفا انتحار حلمه السياسي الذي جاء من أجله إلي مصر، تطربه زفة الترشيح للمنصب الرئاسي الرفيع، فصاغ علي أنغامها شعارات براقة «تنور وتطفيء» مثل لمبات الزينة في الموالد.
- كانت أحلامه «صرحاً من خيال فهوي» علي رأي شاعرنا العظيم إبراهيم ناجي، الذي بكي بحرقة علي «الأطلال» في قصيدته الرائعة لأم كلثوم، التي مازالت تحرك في أعماقنا ذكريات الحبيب الأول.
- البرادعي يبكي الآن علي أطلال الحلم الرئاسي الذي لم يكتب له خلود الذكريات، لأنه كان «صرحاً من خيال فهوي»، خيال بعيد عن أرض الواقع دون أن يدرك أن أنسب مكان يمكن أن يلتقي فيه الواقع بالخيال هو «أحلام اليقظة».
(4)
- البرادعي يعيش عالماً من الخيال، لأنه يتعاطي السياسة بأسلوب السياحة، فيذهب إلي الإمام الحسين ليصلي ركعتين، ويخرج منبهراً بالجماهير التي احتشدت لتتفرج عليه ويتفرج عليها.
- لم يدرك الفرق بين «الفرجة» و«الصحوة»، فتخيل أن هؤلاء البشر الطيبين هم وقود مشروعه العظيم عن «الدولة الرشيدة» فجاءوه مبايعين لا أنهم كانوا في طريقهم للاستمتاع بطبق كوارع في الحسين.
- ذهب إلي مسجد السيد البدوي بطنطا بأفكاره الأوروبية العالية.. دون أن يدرك أن الذين ضحكوا في وجهه هم الذين يؤمنون بأنشودة «السيد البدوي شاور بصباع وحتة، خلي الأناجر مش محتاجة غسيل».
(5)
- البرادعي يطرح شعارات عفي عليها الزمن، فهو مثلاً يقول إنه يشعر وكأنه يتحدث «بلسان كل المصريين».. «طب إزاي»؟ والمصريون لهم ألسنة ذات مقاسات مختلفة وليست «ون سايز».
- هكذا خلق الله ألسنتهم متنوعة، ولم يسبق في تاريخهم أن جاء من يزعم أنه يتحدث بلسانهم جميعاً حتي سعد زغلول وجمال عبدالناصر لم يكن لهما نفس اللسان الواحد الذي يتمتع به البرادعي.
- انتهي زمن الزعماء الذين يختزلون شعوبهم في أشخاصهم، لأن ذلك يتناقض مع الديمقراطية من الألف إلي الياء، إنه موروث ديكتاتوري يضع عليه البرادعي غلالة ديمقراطية.
(6)
- البرادعي فاهم الشعب غلط، فهو مثلا يقول إن الشعب إذا توحد علي مقاطعة الانتخابات فسوف يسقط النظام.. وكأن الشعب هو مجرد شلة أصدقاء يستضيفهم في «غرفة المسافرين».
- إذا كان الحزب الوطني صاحب الأغلبية وأحزاب المعارضة يخوضون الآن غمار انتخابات برلمانية شرسة، فعن أي شعب يتحدث البرادعي ويدعوه إلي المقاطعة.. هل هو شعب سري لا يعرفه سواه؟
- توقعوا في الأيام القادمة أنه سوف يشتم الشعب لأنه لم يهب عن بكرة أبيه للمقاطعة.. شعب مش فاهم مصلحته.. شعب منبطح ومستسلم وخانع ولا يثور.
(7)
- البرادعي علي شفا الإحباط، والمحبط وهو من يندفع إلي إيذاء نفسه وإلي إيذاء الآخرين، والأذي الذي يستخدمه هو الدعوة إلي المظاهرات والاحتجاجات والعصيان المدني، ولا يستبعد استخدام الشعب للعنف.
- انتظرناه عالماً جليلاً غاب عن بلاده ولم يرد لها الجميل.. فعاد متعالياً ومستكبراً ورافعاً شعارات غريبة علي أرض الواقع وبعيدة عن الناس ومشاكلهم وطموحهم.
- هذا يحدث للكثيرين.. ولكن الشيء الغريب هو حالة اليأس والإحباط التي يعيشها البرادعي وأجهض حلمه الرئاسي، لأن أوباما أدار ظهره وأقلع عن الضغط علي مصر!


E-Mail : [email protected]