
أ.د. رضا عوض
صناع الحضارة المصرية (٢)
الملك أحمس الأول، هو ابن الفرعون سقنن رع الثانى، تولى أحمس الحكم بعد وفاة أخيه كامس، الفرعون الأخير من الأسرة السابعة عشر، وأصبح معروفا باسم «نب-لتي-رع أو «سيد القوة رع، وهو محرر مصر من الهكسوس وموحد مصر بعد طول تمزق وصانع مجد مصر العسكرى.وهو مؤسس الأسرة الثامنة عشر،وهى الأسرة المصنفة على أنها أول أُسّر المملكة المصرية الحديثة، تلك الفترة التى بلغت فيها مصر القديمة أوج قوتها. وتعتبر الأسرة الثامنة عشرة فريدة من نوعها بين الأسر المصرية الأخرى، ففيها تحتمس الثالث مكون أول امبراطورية فى مصر القديمة وبها الفرعون الذهبى توت عنخ آمون وبها أيضا ملكتان من اشهر ملكات مصر القديمة الملكة حتشبسوت، والملكة نفرتيتى.
تزوج الملك أحمس الأميرة (أحمس-نفرتارى) وأنجبا العديد من الأبناء. وتبع أحمس الأول فى الحكم ابنه الأكبر أمنحتب الأول.
بعد تسلمه مقاليد الحكم قرر أحمس استمرار النضال والكفاح ضد الهكسوس وطردهم من البلاد والذى كان والده سقنن رع قد بدأه، غير أننا عرفنا قصة هذا النضال المجيد وما قام به من أفعال بطولية فى الحملات الحربية، من خلال السيرة الذاتية لقائدين من القادة العسكريين ومن جنوده المقربين له والذين رافقوه فى حملته ضد الهكسوس مسجلة على جدران مقبرة الاثنين وهما أحمس بن إبانا وأحمس بن نخبت، وذكر فيها، جهز الملك أحمس جيشا قويا فقام بتطوير الجيش المصرى فكان أول من ادخل عليه العجلات الحربية وكان يجرها الخيول وطور كذلك من الأسلحة الحربية باستخدام النبال المزودة بقطعة حديد على الأسهم ثم بدأ بمحاربة الهكسوس بدءا من صعيد مصر والتف حوله الشعب فقام بتدريبهم بكفاءة حتى أصبحوا محاربين أقوياء ومهرة وظل يحارب الهكسوس من صعيد مصر حتى وصل إلى عاصمة مصر آنذاك التى اقامها الهكسوس وهى أواريس (صان الحجرحاليا) بالقرب من مدينة الزقازيق الحالية وهزمهم هناك ثم لاحقهم إلى فلسطين وحاصرهم فى حصن شاروهين بالقرب من مدينة غزة وتحصنوا بها. استولت جيوش الملك أحمس الأول على المدينة ودمرتها بالأرض بعد حصار دام ثلاث سنوات وفتت شملهم هناك حتى استسلموا ولم يظهر الهكسوس بعدها فى التاريخ، كانت هذه المعركة نحو عام 1580 ق.م.بعد طرد الهكسوس وصل أحمس بجيشه شمالا إلى بلاد فينيقيا(لبنان حاليا).
كما هاجم بلاد النوبة فى الجنوب لاستردادها مرة أخرى إلى المملكة المصرية والتى وصلت حدودها جنوبا إلى الشلال الثانى.
وبعد انتهاء أحمس من حروبه لطرد الأعداء وتأمينه لحدود مصر وجه اهتمامه إلى الشئون الداخلية التى كانت متهدمة خلال فترة احتلال الهكسوس، فأصلح نظام الضرائب وأعاد فتح الطرق التجارية وأصلح القنوات المائية ونظام الرى.
وفى ملحمة كفاح الشعب المصرى ضد الهكسوس ظهر بوضوح دور المرأة المصرية فى مقاومة الاحتلال وتحرير مصر، فنرى ان الملكة إياح حتب زوجة سقنن رع تاعا الثانى وأم أحمس الأول، لعبت دورًا مهمًا فى حياة زوجها وولدها، وتشير لوحة فى معابد الكرنك إلى دورها العسكرى حيث كانت ترعى الجنود وتهتم بشئون البلاد، وعثر فى مقبرتها على بلطة وخنجر، وفى هذا ما يظهر دور هذه الملكة العسكرى فى تلك الفترة، والملكة الثانيه هى أحمس نفرتارى زوجة أحمس الأول التى شاركت مع زوجها، فى نضاله حتى تم تحرير مصر من احتلال الهكسوس.
وقد اكتشفت مومياؤه عام 1881 فى خبيئة الدير البحرى وتم التعرف عليها فى 9 يونيو عام 1886 بواسطة جاستون ماسبيرو، وكان طول المومياء 1.63 سم ولها وجه صغير نسبيا بالقياس مع حجم للصدر واستمر حكم أحمس مدة ربع قرن من الزمان والمؤرخون يعدونه مؤسس الدولة الحديثة.