الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا
أحمد بهاء الدين كاتب من نوع فريد!

أحمد بهاء الدين كاتب من نوع فريد!

أحمد بهاء الدين.. صديقًا: عنوان المقال الرائع للأستاذ فتحى غانم والذى نشر فى الكتاب التذكارى «أحمد بهاء الدين باقة حب» ويضم 17 مقالا عن بهاء من بينها دراسة لى ـ وصدر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة سنة 1995. يواصل الأستاذ فتحى غانم مقاله المهم عن الأستاذ «بهاء» فيقول:



 

ـ عندما كتب «بهاء» كتابه الشهير «شهر فى روسيا» كتبت عنه أن من أهم مميزات الكاتب السياسى «أحمد بهاء الدين» قدرته البارعة على توضيح وتبسيط أعقد المسائل السياسية لقرائه، وهو كاتب من نوع فريد فهو يكتب فى السياسة ولا يشتغل بها، لم ينضم فيما مضى ـ قبل الثورة ـ إلى حزب من الأحزاب، ولم يربط نفسه بأى تيار سياسى، واكتفى بأن يشغل نفسه بشرح المبادئ العامة والتيارات السياسية السائدة فى الجو السياسى الداخلى أو العالمى على السواء.

وإذا كان أحمد بهاء الدين لم يربط نفسه باتجاه سياسى عملى معين، إلا أنه يعتبر من كتاب اليسار، أى من الكتاب الذين يستخدمون العقل والمنطق والدراسات الاقتصادية فى تفسير الظواهر السياسية!

ولكن لماذا لم ينضم «أحمد بهاء الدين» إلى أية جماعة سياسية يسارية؟! إن المسألة عنده ليست مجرد خوف من خرق القانون والاعتداء على نظام الدولة العام، فهو ليس مثل «برنارد شو» المفكر السياسى الذى قال إنه يتطرف إلى الحد الذى يقول له فيه القانون: قف عند حدك» ويناوش خارج مرمى نيران القانون.

إن أحمد بهاء الدين ليس من هذا الرأى، فهو على الرغم من استعانته بالعلم والمنطق والتفسير الاقتصادى للتاريخ، مازال يحتفظ فى قلبه بعاطفة مكبوتة وفى رأسه خيال بعيد عن إمكان الاحتفاظ بحرية الفرد كاملة مطلقة جنبًا إلى جنب مع الاحتفاظ بمصلحة المجموع، لقد اكتشف أن التفسير العلمى للتاريخ السياسى هو أقرب إليه وإلى الناس، فاستخدمه ببراعة، ولكنه لم يؤمن إيمانًا مطلقًا.

إنه يرحب بالمقدمات التى تعلن الظروف الاقتصادية عاملًا مهمًا فى تحريك السياسة والسياسيين ولكنه يكره النتائج التى قد تؤدى إلى ديكتاتورية الجماعة وطغيانها على حرية الفرد، إنه يخشى أن يفقد الشخصية وحريته فى التعبير عن رأيه مهما كان، ويخشى أن يرسم له أحد طريقه للتفكير ومنهجًا للتعبير عن الرأى مهما كان ذلك فى مصلحة الجماعة.

وفى كتاب شهر فى روسيا الذى صدر عام 1954 تقرأ المناقشة المهمة التى أثارها عالم الاقتصاد «يوجين فارجا» الذى قال إن الحكومات فى الدول الرأسمالية لم تعد تترك الشركات حرة تنتج كما تشاء.. بل أصبحت الحكومات الرأسمالية تتدخل فى الحياة الاقتصادية بحيث تستطيع أن تتلافى الأزمات الدورية التى تقع فى النظام الرأسمالى، فالحرية الاقتصادية فى البلاد الرأسمالية لم تعد حرية مطلقة!!

وخلص «فارجا» من هذا الرأى إلى أن الدول الرأسمالية مادامت تتدخل فى إنتاج شركاتها، فتمنع حدوث تضارب بين هذه الشركات مما قد يؤدى إلى وقوع حرب بينها أى أن الدول الرأسمالية ستظل متحدة لا يحدث بينها خلاف لمواجهة الدول الشيوعية، وقد عارض «ستالين» هذا الرأى وقال إن احتمال وقوع الحرب بين الدول الرأسمالية اكبر من احتمال وقوعه بين الرأسمالية والشيوعية!

ويضيف الأستاذ «فتحى غانم» قائلًا:

إن هذه الرؤية المبكرة الواضحة لمستقبل الشيوعية والرأسمالية كانت لدى أحمد بهاء الدين، لأنه احتفظ بحريته الفكرية بعيدًا عن التورط فى التزام سياسى حزبى يسارى، لذلك كان قادرًا على رؤية المستقبل واستشرافه أكثر وضوحًا من المثقفين المعاصرين له.

وللحكايات بقية!