الإثنين 1 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
بهاء وطه حسين وجائزة نوبل!

بهاء وطه حسين وجائزة نوبل!

كان الأستاذ «الكبير أحمد بهاء الدين» شديد الإعجاب والتقدير للدكتور طه حسين عميد الأدب العربى ودوره الريادى فى حياتنا الثقافية والفكرية، بل وصل الأمر به أنه طالب بترشيحه - مع توفيق الحكيم - لجائزة نوبل.



وكتب يقول: «عندنا فى مصر من يستحقون هذه الجائزة ومن أهم أكثر استحقاقا لها من كثير من الأدباء الذين نالوها بالفعل، عندنا مثلا طه حسين الذى قاد الحركة الفكرية فى مصر فى الحقبة التى تلت ثورة 1919، فقد وثبت هذه الثورة وثبة سياسية تمثلت فى الدستور ووثبة اقتصادية وطنية تمثلت فى بنك مصر، ووثبة أدبية كان «طه حسين» خير معبر عنها».

وقد عرفت كتبه ومؤلفاته المصادرة والاضطهاد والمحاكمة وعرف هو نفسه الفصل من الجامعة وهو الذى تزعم الحركة التى جعلت التعليم فى مصر مطلبا أساسيا كالخبز والحرية ونقل الثقافة إلى طبقة جديدة لم تكن تعرفه من قبل.

إن أثر طه حسين الثقافى والاجتماعى فى مصر والبلاد التى تقرأ العربية كلها أعظم من أثر «فولكنر» فى أمريكا.

 ومورياك فى فرنسا، ولا كسيتس الذى نال جائزة نوبل هذا العام فى أيسلندا!!

وفى نفس المقال أيضا يقول الأستاذ «بهاء»: «وعندنا توفيق الحكيم الذى ألف أكثر من أربعين رواية ومسرحية، والذى قام بتجربة مقتحمة جريئة فى القصة والمسرحية غير مسبوقة فى الأدب العربى على هديها يكتب شباب هذا الجيل ويجددون ويتطورون»!!

قرأ الأستاذ توفيق الحكيم مقال الأستاذ بهاء وكتب ردًآ تحت عنوان «ترشيح طه حسين لجائزة نوبل» جاء فيه:

عزيزى الأستاذ أحمد بهاء الدين:

أطلعت فى العدد الماضى من روزاليوسف على مقالك القيم المنشور بعنوان «ترشيح طه حسين وتوفيق الحكيم لجائزة نوبل»، وقد يهمك أن تعرف أن إجراءات كانت قد أوشكت أن تتخذ فعلا لترشيحى لهذه الجائزة، استنادا إلى أن الروايات والكتب والمسرحيات التى ترجمت لى ونشرت ومثلت فى اللغات الأجنبية قد بلغت - كما قيل لى - عددًا قد يعتبر قياسيًا بالنسبة إلى الشرق العربى الحاضر، ولكنى أحجمت لسبب واحد:هو أنى لم أحب أن يكون ترشيحى عائقا لترشيح ونجاح صديقى الدكتور طه حسين!

ومضى توفيق الحكيم يقول فى رسالته:

ذلك أنى أعتقد أن ما يمتاز به طه حسين فوق مكانته الأدبية صفة أخرى نادرة هى الرمزالذى يدل على أن الإنسان بشجاعته وعزمه يستطيع أن يتخطى كل العوائق الطبيعية والاجتماعية، ويصل إلى تغيير حياته كلها بما يشبه المعجزة فيبدد بيده الظلام المضروب حوله وينهض وينشر النور حيث ساد!

إن الأوروبيين مازالوا حتى الآن يذكرون بغريزة خفية الحروب الصليبية فى كل ما يمس العرب والعروبة، لولا هذا الإحساس الكامن فيهم لمنحوا الجائزة بلا تردد لمثل هذا المعنى الإنسانى الرائع، لكن الاعتبارات السياسية والعنصرية كما - قال صديقى الدكتور حسين فوزى - لها فى عالم اليوم أيضا وزنها الذي يؤسف له!! وإن الأمر يقتضى منا جميعا التكاتف والتساند -كما ذكرت فى مقالك - فنحن فى ظروف أشد قسوة من ظروف غيرنا من أدباء العالم!!

إن علينا أن نكافح مرتين: مرة فى سبيل تجديد أدبنا وفننا ومرة لمقاومة روح التثبيط والبغض الدفين عند خصوم الشرق العربى من أجل هذا كله لم أقبل الترشيح ولن أقبله إلا إذا اتضح أن ترشيح اثنين يساعد على فوز الأول، وأن ترشيحى لا يعوق ترشيح الدكتور «طه حسين» بل يعين على نجاحه، إن أشخاصنا الذائفة لا تهم، المهم التعاون على إنجاح الهدف العام ولك تحياتى».

انتهت الحكاية التى جرت يناير 1956 بكل دلالتها الرائعة.