الإثنين 1 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
إحسان عبدالقدوس.. ومجلة الهواء!

إحسان عبدالقدوس.. ومجلة الهواء!

«مجلة الهواء، مجلة أسبوعية تُسمع ولا تقرأ وتقع فى 30 دقيقة».



بهذه الكلمات كان الإذاعى الكبير «فهمى عمر» يقدم برنامجه الأسبوعى الأشهر والأجمل «مجلة الهواء».

وأعترف الآن وأشهد أنه كان بمثابة مجلة أسبوعية حافلة بالمواد الصحفية المسموعة من تعليقات وحكايات ولقاءات مع نجوم ذلك الزمن.

روى «فهمى عمر» فى مذكراته البديعة والممتعة «نصف قرن من الميكروفون» قصة هذا البرنامج الذى كان صاحب فكرته الكاتب الكبير الأستاذ «إحسان عبدالقدوس».

يقول فهمى عمر فى منتصف عام 1953 جرى حركة تغيير فى الإذاعة وصدر قرار بتعيين «محمد أمين حماد» رئيسًا للإذاعة، وكان يستضيف فى مكتبه الفنانين مثل عبدالوهاب وفريد الأطرش ومحمد فوزى وغيرهم ليناقشهم فى إسهاماتهم الفنية، وكان يناقش الكتاب والأدباء والصحفيين حول برامج الإذاعة، وهل تعجبهم وكيف السبيل إلى تطويرها، وكان يطلب منهم أن يقترحوا برامج جديدة!

ولعل برنامج «مجلة الهواء» الذى قدمته فى مطلع عام 1954 كان نتيجة لذلك، فقد طلب من الأستاذ «إحسان عبدالقدوس» أن يسهم بفكرة برنامج إذاعي، فاقترح الأستاذ «إحسان عبدالقدوس» أن يقدم برنامجًا يشبه المجلة المقروءة ويحتوى على صفحات مسموعة فيها نفس الموضوعات التى يقرأها القارئ فى مجلة مطبوعة.

واستدعانى الرجل «محمد أمين حماد» رئيس الإذاعة وقال لى إنه يعد لى مفاجأة وهى أن أقوم بتقديم برنامج إذاعى يكون على غرار المجلات الصحفية المقروءة، ولكن يختلف عنها فى أنه سيكون مسموعًا، بمعنى أن تكون له صورة غلاف ومقدمة إضافة إلى صفحات فيها الخبر والروبيورتاج والقصة القصيرة والفن والغناء وغير ذلك، مما يمكن تقديمه بالصوت الذى هو المادة الرئيسية فى العمل الإذاعى.

واستطرد الرجل: يقول إنه على أن ألتقى بالأستاذ «إحسان عبدالقدوس» لكى أناقش معه الموضوع لأنه صاحب الفكرة.

وذهبت إلى مبنى دار «روزاليوسف» القديم بالقرب من ضريح «سعد زغلول» وطلبت مقابلة رئيس التحرير الذى استقبلنى ببسمه عريضة وترحاب شديد أزال ما كان يعترينى من خوف، وأنا قادم لمقابلة صحفى كبير هو «إحسان عبدالقدوس» وتحدثنا عن فكرة المجلة الإذاعية وكيف أنها ستكون لونًا من ألوان الصحافة الإذاعية التى تساير الأحداث وتقدم الموضوعات الساخنة، وتلتقى مشاهير الأدب والفن والثقافة وترعى المواهب البازغة وتقدم نماذج الناجحين فى مختلف دروب الحياة.

واستوقفنى جملة باللغة الإنجليزية مكتوبة على سطح من الزجاج ومعلقة على حامل، حيث يقرؤها كل من يدخل مكتب الأستاذ «إحسان»، الجملة معناها: إنه إذا لم يكن لديك ما تود أن تقوله أو تفعله فمن الأحسن لك آلا تزعجنى، وقد اتخذت من هذه الجملة نبراسًا لى فى حياتى وأحمد الله على ذلك.

نهاية القول أتفقت مع الزميل «سعد لبيب» على تقديم البرنامج، واعتصرنا فكرنا لكى نجد له تسمية نطلقها عليه، واستعرضنا أسماء كثيرة منها «مجلة الموجة»، و«مجلة الذبذبة» و«مجلة الميكروفون» إلى أن استقر الرأى على اسم مجلة الهواء، وهو البرنامج الذى ظللت أقدمه على مدى ثلاثين عامًا، وأشهد أنه وجد صدى فى نفوس السامعين، فقد كان جديدًا فى فكرته، متنوعاً فى صفحاته فى زمن كان الراديو فيه هو سيد وسائل الاتصالات، بل كان الوسيلة الأولى للتثقيف والترفية وإثراء الوجدان وإسعاد القلوب.