الأربعاء 24 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
تنظيم مكافحة الجهل والفقر ومرضى اللغة السينمائية

تنظيم مكافحة الجهل والفقر ومرضى اللغة السينمائية

فى مؤتمر تاريخى وفريد من نوعه - بعد ثورة 30 يونيو وجلاء مصر من أخطر القيادات الإخوانية ـ ضم نجوم الشعب  من كل الأجيال «من الراحلة سيدة الشاشة فاتن حمامة لميرفت أمين وليلى علوى وإلهام شاهين إلى نيللى كريم» ومن نجم النجوم عادل إمام مرورًا بحسين فهمى ومحمد صبحى ونور الشريف إلى أحمد السقا وكريم عبدالعزيز لرد الجميل لقائد الجيش الذى لبى نداء وطنه وأنقذ الشعب ونجوم الشعب من مصيدة الإخوان وتحريم الإبداع وتجريم الجمال، وكان بمثابة طوق النجاة لكل المصريين. 



المشير عبدالفتاح السيسى ـ فى ذلك الوقت ـ ناشد الفنانين بالمشاركة فى معركة الوعى والعودة للأصالة والقيام بدور تنويرى هادف ثم إعادة السينما كصناعة كبرى لتحتل الصدارة فى الدخل القومى، مستشهدًا بالسينما الأمريكية التى تحتفظ بثوابت تصدرها للشاشة ولصياغة قيم المجتمع الأمريكى ولا تصدر أى مظاهر سلبية فيه ولا تتاجر بمشاكله والتى فى العادة توجد فى كل مجتمعات العالم.

تذكرت هذا المؤتمر وغيره من اللقاءات التى ضمت الرئيس وتأكيده لنفس المعانى والفنانين لتجديد الخطاب السينمائى وأنا أشاهد فيلم «ريش» والذى انقسم حوله السينمائيون ما بين مؤيد ومعارض ووجدت نفسى بعد مشاهدة نصف الفيلم  بين صفوف المعارضين له بعدما فقدت إحساسى بالتعاطف مع مخرجه وقضيته والانبهار بلغته السينمائية وقلت لنفسى بلاها «تعبيرية وسيريالية ورمزية» وسينما جديدة ويسقط الإسقاط.

المخرج الموعود بالإبداع «عمر الزهيرى» مبدئيًا استغل سذاجة وبساطة وحلم امرأة مصرية بسيطة (دميانة نصار) لترويج سمومه.. السيدة الأصيلة الفاضلة المغرمة بالفن قالت فى تقرير مصور لها بالحرف الواحد: «قلت له يا أستاذ عمر أنا مش متعلمة، قال لى عادى مفيش مشاكل الفن مش بالعلام..!؟

المخرج مع سبق الإصرار والترصد تاجر بعدم تلقيها التعليم فى الفيلم وتعامل معها كالدمية التى يحركها كيفما شاء ليس لأفكاره فقط بل لبطله فى الفيلم وإظهارها بأنها المغلوبة على أمرها وتصغى لأوامر زوجها حتى فى كثرة الإنجاب الذى يتعارض مع منطق الواقع  فهى فى الفيلم أم لثلاثة أطفال فى سن متقاربة رغم أنه محدود الدخل فهو هنا متهم بسوء استخدام امرأة بسيطة لأغراض خبيثة تحط من شأن الواقع ولا مجال هنا أنه يستخدم الرمزية والخيال وهو يتعمد إبراز العملة المصرية المتداولة ويقصد الواقع المصرى تحديدًا ومعاناة الفقراء ويتهم المجتمع بأنه وراء هذا القبح والمعاناة وهذا السواد فأين إذن هذه الفانتازيا التى يتحدثون عنها ويدافعون بها عن عبقرى زمانه .فالصورة السينمائية مشوهة وتكوين الصورة ذاتها كئيب والكادرات ثابتة والوجوه مقطوعة والفواصل سوداء ويدافع المؤيدون عن ذلك بأن كل هذا مقصود لإيصال فكرته ومعاناة أبطاله ولكنها فى الحقيقة تعبر عن عقده النفسية التى لا مبرر لها.

واستأذن هنا مخرج فيلم «ريش» الفلتة وأدعوه للاستماع إلى محاضرة مهمة أقيمت الأسبوع الماضى وربما كانت وقت عرض الفيلم بالصدفة وهى بعنوان «مدخل التذوق السينمائى» تحدث فيها المخرج عادل عوض عن تقييم العمل الفنى وخصائصه الدرامية  ومراجعة جميع عناصره ومفرداته وعما إذا كانت تجمع بين عناصر التشويق والإثارة وجذب انتباه المشاهد وتعاطفه مع العمل الدرامى.

عوض» قال: إن الفيلم الجيد يجب أن يتناول قصة ذات بطل يعانى من مشكلة يصعب التغلب عليها أو صراع ما سواء كان داخليا أو خارجيا حتى يكسب تعاطف الجمهور، مؤكداً أنه من السهل صناعة الفيلم المستقل بأقل الإمكانيات بالاستغناء عن الديكور والاكسسوارات ولكن لا غنى عن الدراما، وبعد المحاضرة  عرض الفيلم الأمريكى Bridge of spies أو جسر الجواسيس الحاصل على جائزة أوسكار عام 2015 وتدور أحداثه حول محام مكلف بالدفاع عن متهم بالجاسوسية ولكنه يتعاطف معه ويسعى دوما لإثبات براءته، الفيلم درامى ويناقش سياسة الدولة الأمريكية فى الجانب القانونى. وبتطبيق المحاضرة على الضجة التى أثارها الفيلم أقر وأعترف اننى لم أتعاطف مع بطلته أو بطله  المفقود لمجرد أنه موظف محدود الدخل وينجب 3 أطفال فى سن متقارب ثم يتحدث عن المعاناة.. كان من الممكن أن يحدث التعاطف مع كل التفاصيل التلميحات التى أرادها المخرج وأيضا فكره ولغته فى حالة عدم وجود أطفال أو فى وجود طفل واحد ثم يتعرض لهذا الكم من المعاناة..

بالمناسبة المحاضرة ضمن مشروع «ابدأ حلمك السينما بين إيديك» الذى أطلقته وزارة الثقافة وفقا لتوجيهات الرئيس ورسائله المتنوعة لدور وتأثير القوة الناعمة  وقيمة الفن .هذا المشروع يعيد للأذهان تجربة وزير الثقافة  ثروت عكاشة بعد ثورة يوليو فى إنشاء قصور الثقافة لنشر ثقافة مصر فى كل المحافظات.

المشروع برعاية أ.د. إيناس عبدالدايم وزير الثقافة، والهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة المخرج هشام عطوة، يشرف عليه الفنان تامر عبدالمنعم مدير قصر السينما، ويعتمد على إقامة معسكرات وورش سينمائية وعرض أفلام تحت مسمى «نادى السينما» فى جميع محافظات مصر، من خلال كوكبة من صناع السينما وهم: المخرج فخر الدين نجيدة مشرف الإخراج، المونتير حسام المحفوظى مشرف المونتاچ، مدير التصوير زايد نايف مشرف التصوير. مع مشاركة وأسماء أكاديمية ومتخصصة فى كل فروع علم السينما مثل د. أشرف محمد أستاذ السيناريو بمعهد السينما والمخرجين عادل عوض وأشرف فايق وهى أسماء مهمة و لها تاريخ سينمائى كبير.

أهمية «ابدأ حلمك السينما بين إيديك» الذى يعتبر مشروعا قوميا بامتياز، انه يفجر طاقات الإبداع ويخوض جانبا من معركة الوعى للقضاء على التطرف والتشدد والغل ويستهدف أيضا إنعاش صناعة السينما بكوادر من أعمار مختلفة لتدريبهم واستفادتهم من خبرات أعضائه المحترفين، حتى لايتسول أحد إلى الإنتاج الخارجى المشبوه الموجه للتشهير بالوطن.

نحن نؤمن بقيمة وطننا وبحرية الإبداع إيمانا مطلقا.. الإبداع الذى يرتقى بالذوق العام بعيدا عن المتاجرة والاستخفاف والإسفاف.