الإثنين 1 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
أحمد عبدالمعطى حجازى يعترف!

أحمد عبدالمعطى حجازى يعترف!

حاولت أن أكون شاعرا فشلت بجدارة، وربما لهذا السبب أعشق قراءة الشعر سواء كان قديما أو حديثًا.. وربما كان الشاعر الكبير «أحمد عبدالمعطى حجازى» أحد هؤلاء الذين أحب أشعارهم خاصة دواوينه الأولى مثل «مدينة بلا قلب» و«لم يبق إلا  الاعتراف» وغيرهما!



فى أغلب دواوين «عبدالمعطى حجازى» لم يكن بحاجة إلى كتابة «مقدمات» لكنه فعل ذلك فى ديوانه «كان لى قلب» الصادر فى سلسلة الكتاب الذهبى الذى أصدرته مؤسسة روزاليوسف فى ديسمبر سنة 1972.

المقدمة بعنوان «اعتراف» وهى شهادة مهمة تستحق القراءة، فهى تتحدث عن عالمة الشعرى وعالمه كشاعر وإنسان أيضا وفيها يقول:

«ليت أنى كتبت هذه القصائد فى امرأة واحدة! ليت كنت كالمجنون صاحب ليلى، أو الجميل صاحب بثينة أو ديك الجن صاحب ورد أوأيلوار صاحب الزا، إذن فالنفس مطمئنة والقلب ممتلئ  والعصر ذهبى فى الحاضر أو فى المستقبل!

لكننى رجل مسافر، أعشق وأرحل وإن شئت الأمانة فأنا أرحل وقد أعشق هربا من العشق الصحيح! العشق الصحيح تسليم بأن العالم متماسك وأن الحياة معقولة وأن النفس راضية، وأنا لم أسلم بهذا بعد وأرانى الآن أبعد عن هذا التسليم من ذى قبل!

لا بد أن فى العالم خطأ.. مع التجاوز أو أن فيه شرًا، وإن كان الاعتراف مؤلما - وأنا من المخدوعين الذين مازالوا يراهنون بوجودهم فى محاولة إصلاح الخطأ أو فى تحدى الشر، وقد تدفعنى مواجهة الشر إلى أن أرتدى ثياب التمرد وأضع قناع الشعر! وأنا لهذا فى سفر دائم لكننى لست أمينا بالدرجة الكافية، فأنا أتوقف فى بعض المدن وبعض الفنادق، تخففًا من عناء السفر، وأغشى النهار أحيانا تخففًا من عناء السفر!!

كل شىء يبدو لى خادعا لكنى أحس أن هناك شيئًا حقيقيًا ينبغى أن أصل إليه، لهذا أبدأ اللعبة لكننى لا استطيع أن أكملها وإلا كنت مزيفا إلى النهاية، وهذا هو الفاجع فى تجربة الحب عندى، العطش والشوق ثم لا شىء ويبدأ العطش من جديد!

ويمضى الأستاذ «عبدالمعطى حجازى» قائلا:

أنا لا أسمى التجارب التى خضتها غرامًا مع أنى كنت كثيرًا ما حاولت أن تكون كذلك، إنها شىء من طبيعة السفر، لقاء غرباء، أو نزوة عابرة، وأحيانا أخرى لجوء من هذا القدر الفاجع.. الرحيل والخيبة بعد كل رحيل! ولأن هذه القصائد قد كتبت فى التجارب التى عرفتها خلال ما يقرب من سبعة عشر عاما من عمرى شهدت عدة انقلابات فى حياتى، فالنساء اللائى كتبت فيهن هذه القصائد أنماط مختلفة!

هذا ما يجعل كثيرا من هذه القصائد نوعا من خداع البصر!

إنها ليست غزلا ومع هذا فهى قصائد حب لكنها فى النهاية تقول ما تقوله قصائدى الأخرى فى غير المرأة.

لقد اخترت هذه القصائد العشرين من ثلاثة دواوين لتعبر عن المرحلة التى قطعتها فى رحلتى الدائمة رحلتى مع الحياة عامة ومع المرأة خاصة ورحلتى مع الشعر!

وأنا بالطبع لن أحاول أية محاولة فى تحليل هذه القصائد لكننى أريد أن ألفت نظر القارئ وخاصة القارئ الجديد الذى ربما كان يطلع على شعرى للمرة الأولى من خلال هذه المختارات أريد أن ألفت نظره إلى شيء أساسى هو أن هناك موضوعا رئيسا يجذبنى كثيرا لتأمله، هذا الموضوع هو قدرة الجسد على التعبير!

إن أية لغة فى العالم لا تستطيع أن تعبر عن مشاعر كاللوعة والحنين والتوجع والمتعة أو عن نوازع مثل الرغبة فى التحرر والاكتشاف والخلود والتحدى، كما يستطيع الجسد الإنسانى أن يعبر عن هذا كله، إن الجسد الإنسانى هو أجمل وأكمل ما فى الوجود!!

ويختتم الشاعر الكبير «حجازى» اعترافه بقوله:

إن الراقص ولاعب السيرك والممثل وكل لاعب بجسده هم أبطال قصائدى، والمرأة فوق كل هؤلاء لأنها أفضل من يلعب بجسده ويعبر من خلاله!

إن عقلى يشاركنى عشق المرأة، لهذا فأنا لست عاشقا سعيدا، إن المرأة تسلمنى إلى المرأة كما تسلمنى الفكرة للفكرة، وليت أنى استقر!»

اعتراف بديع ومهم لشاعرنا الكبير بمثابة إضاءة جديدة لعالمه الشعرى والإنسانى!