
أ.د. رضا عوض
صناع الحضارة المصرية
پيپى الثانى
پيپى الثانى (نفر كا رع) (2278- 2184 قبل الميلاد) هو الفرعون الخامس من الأسرة السادسة فى الدولة المصرية القديمة... الذى ذكر عنه مانيتون أنه وصل الى العرش وعمره 6 سنوات بعد وفاة والده وانه حكم 94 عاما وأن امه كانت الوصية عليه كما أن خاله الأمير «جاو» ووزير فى نفس الوقت صاحب اليد العليا فى تصريف أمور البلاد.عموما يعد حكم پيپى الثانى أطول فترة حكم لعاهل فى التاريخ. ارتبط اسم هذا الملك بالحملات الاستكشافية التى كان يرسلها الى الجنوب الى اواسط افريقيا ,فقد حرصت مصر فى عهد الدولة القديمة على معرفة الطرق التجارية المؤدية إلى قلب القارة الإفريقية، وذلك من أجل القيام بمبادلات تجارية، ومن أهم الرحالة «حرخوف» حاكم الألفنتين فى عصرالأسرة السادسة.
قام «حرخوف» بحملته الثالثة إلى إفريقية فى عهد الملك بيبى الثانى سالكاً طريق الواحات، وهو درب الأربعين المعروف، ووصل فى هذه الحملة على الأرجح، إلى غربى السودان (دارفور). وقد حمل حرخوف معه كثيرًا من الأبنوس والعاج وجلود الفهود والمواشى الحية واستطاع الحصول على قزم أحضره معه إلى مصر، إذ كان ملوك مصر يهتمون بهؤلاء الأقزام كثيراً، كى يؤدوا رقصة خاصة ذات أهمية دينية يدخلون بها السرور إلى قلب الملك.
بنى الملك بيبى الثانى هرمه فى جنوب سقارة، وزين حجرة الدفن بنصوص الأهرام الدينية، وهو أكبر من أهرام أسلافه، وقد ألحق بالهرم معبدان لا تزال أطلالهما أكمل من أطلال معابد أسلافه. وقد عثر فى إبلا فى سورية على جزء من غطاء آنية مرمرية عليها اسم هذا الملك، مما يدل على وجود صلات بين مملكة إبلا والمملكة المصرية القديمة منذ القرن الرابع والعشرين قبل الميلاد.
وهكذا بدأ عهده بداية جيدة وانتهى نهاية مأساوية، حين صار طاعنا فى السن لا يدرى بما يجرى حوله من شئون الحكم وما تفرضه حاشيته على الرعية من ضرائب، وما يتعرض له الشعب من نهب واضطهاد وتنكيل وإرهاب من الحاشية، واغتنم حكام الأقاليم ضعف الملك وشيخوخته، فاستقلوا بأقاليمهم، وورّثوا مناصبهم لأبنائهم، وعدّوا هذا حقاً مكتسباً لهم وليس منحة من ملوكهم وضعف ولاؤهم للحكومة المركزية وأصبح هدفهم الحصول على مزيد من السلطة والمال دون اهتمام بأحوال رعيتهم ولكن الملك بيبى لم يكن قويا وبالتالى لم يكن قادراً على تصريف الأمور وأخذ حكام الأقاليم يسلبونه سلطاته ماأمكنهم ذلك.
فى ظل هذه الظروف عمت الفوضى أرجاء البلاد ولم تكن هناك من ضحية سوى العمال والفلاحين الذين قاموا بثورة اجتماعية عارمة رافضين كل مافى المجتمع من ظلم وفساد.
كانت قوة الملك آخذة فى التدهور فبعد اختفاء پپى الثانى هوت البلاد دفعة واحدة الى الحضيض وكانت خاتمة الأسرة السادسة عصر ثورات واضطراب.
انتهت الاسرة السادسة بملكة تدعى «نيتوكريس» التى ذكر مانيتون انها حكمت عامين. وبدا عصر الاضمحلال الأول ,وبنهاية حكم هذه الملكة انتهت الأسرة السادسة وانتهى معها عصر من أزهى عصور مصر القديمة ألا وهو عصر الدولة القديمة.