الإثنين 21 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
صناع الحضارة المصرية

تحتمس الثالث ق. م 14791425

صناع الحضارة المصرية

سادس فراعنة الأسرة الثامنة عشر، ويعتبر أعظم حكام مصر وأحد أقوى الأباطرة فى التاريخ، حيث أسس أول إمبراطورية مصرية فى ذلك الوقت. ظلت تلك الأمبراطورية حتى نحو عام 1070 قبل الميلاد حتى عهد رمسيس الحادى عشر..



يلقب تحتمس الثالث بـ(أبوالأمبراطوريات) وكذلك يُلقب باسم (نابوليون الشرق) وكذلك (أول إمبراطور فى التاريخ) إذ يُعد من العبقريات الفذة فى تاريخ العسكرية على مر العصور، وتُدرس خططه العسكرية فى العديد من الكليات والمعاهد العسكرية فى جميع أنحاء العالم: وهو أول من قام بتقسيم الجيش إلى قلب وجناحين، واهتم بالجيش وجعله نظاميا وزوده بالفرسان والعربات الحربية، وأتقن المصريون القدماء بفضله صناعة النبال والأسهم التى أصبحت ذات نفاذية خارقة يعترف بها مؤرخو العصر الحديث.

 كانت الملكة حتشبسوت التى سبقته فى الحكم تتبع سياسة سلمية مع مناطق النفوذ المصرى فى فلسطين والنوبة فانتهزت بعض المحميات فى سوريا والميتانى للتمرد على حكم المصريين وبمجرد أن اعتلى تحتمس الثالث العرش بعد وفاة حتشبسوت أعاد السيطرة المصرية على تلك الحركات المعادية تأمينا لحدود البلاد. فقام بست عشرة حملة عسكرية على آسيا (منطقة سوريا وفلسطين) استطاع أن يثبّت نفوذه هناك كما ثبت نفوذ مصر حتى بلاد النوبة جنوبًا. 

وقد كان أمير مدينة قادش فى سوريا يتزعم حلفا من أمراء البلاد الآسيوية فى الشام ضد مصر وصل عددهم إلى ثلاثة وعشرين جيشا وكان من المتوقع أن يدعم تحتمس الثالث دفاعاته وقواته على الحدود المصرية قرب سيناء إلا أن تحتمس قرر الذهاب بجيوشه الضخمة لمواجهة هذه الجيوش فى أراضيهم ضمن خطة توسيع الأمبراطورية المصرية إلى أقصى حدود ممكنة وتأمين الحدود ضد جيوش الأعداء.

وفى هذه الحملة (معركة مجدو) قسم جيشه إلى قلب وجناحين واستخدم تكتيكات عسكرية ومناورات لم تكن معروفة من قبل, فقد  كان هناك ثلاثة طرق للوصول إلى مجدو اثنان منهما يدوران حول سفح جبل الكرمل والثالث ممر ضيق ووعر ولكنه يوصل مباشرة إلى مجدو وقد استقر رأى تحتمس على أن يمر الجيش من الممر الثالث فى مغامرة قلبت موازين المعركة فيما بعد وفاجأ العدو وتحقق النصر, وتعتبر من أخطر مغامرات الجيوش فى العالم القديم.

 اهتم تحتمس الثالث بإنشاء أسطول بحرى قوى استطاع أن يبسط سيطرته على الكثير من جزر البحر المتوسط مثل قبرص وأيضا بسط نفوذه على ساحل فينيقيا (سواحل لبنان وفلسطين حاليا). بذلك هو أول من أقام أقدم إمبراطورية عرفها التاريخ، وهى أقصى حدود لمصر فى تاريخها حيث وصلت حدود مصر إلى نهر الفرات وسوريا شرقا وإلى ليبيا غربا وإلى سواحل فينيقيا وقبرص شمالا وإلى منابع النيل جنوبا حتى الجندل الرابع أو الشلال الرابع. 

وأصبحت مصر أقوى إمبراطورية فى العالم عاش فيها المصريون قمة مجدهم وقوتهم لمدة تصل إلى نحو 400 عام. 

ومن براعته السياسية أنه استدعى أبناء أمراء الأقاليم الآسيوية إلى طيبة عاصمة مصر فى ذلك الوقت، ليتعلموا فى مدارسها العادات والتقاليد المصرية ويثقفهم بالثقافة المصرية، ويغرس فى نفوسهم حب مصر، حتى إذا عادوا إلى بلادهم وتولوا الحكم فيها أصبحوا من أتباعه المخلصين ولا يفكروا فى محاربة  مصر.

 بنى تحتمس الثالث فى طيبة العديد من المعابد، وأقام ما لا يقل عن سبع مسلات معظمها موجود الآن فى عدد من عواصم العالم فى لندن وإسطنبول ونيويورك وروما. 

توفى تحتمس وعمره 82 سنة بعد أن حكم أربعة وخمسين عاما، ولم يعرف تاريخ مصر ملكا بكى عليه المصريون وحزنوا عليه حزنا شديدا مثل ما حدث مع تحتمس الثالث.