الإثنين 21 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
أقباط يمدحون الرسول

أقباط يمدحون الرسول

مصر دولة غير أى دولة فى العالم تختلف اختلافا كليًا وجزئيًا فى كل شىء عن دول العالم ففى قرى ونجوع الصعيد تختلف الصورة تمامًا بين أهلها الطيبين.. محبة ووحدة وسلامًا وإخاء وهمومًا مشتركة بين الأهل والجيران وعادات وتقاليد تتجاوز اختلافات الأديان وتتجاوز التعصب الأعمى والتطرف المقيت فالكل يدين بالديانة المصرية الشعبية التى أذهلت كل من دخل مصر وكل من حاول السيطرة على مقاليد البلاد فى فترات الاحتلال والتى أذهلت اللورد كرومر عندما أقر بعدم قدرته على تمييز ديانة المصريين إلا وقت الصلاة فهذا يذهب إلى المسجد وهذا إلى الكنيسة ورغم المحاولات المستميتة من جماعات التطرف والإرهاب من وقف هذا التلاحم بين النسيج الواحد للشعب المصرى إلا أن هذه الجماعات لم تستطع على الإطلاق الوقيعة بين عنصرى الأمة وكان الرد قاسيًا من خلال عدد من مداحى النبوة من الأقباط فى الموالد والمناسبات الدينية.



وليس من المفاجأة وجود مثل هؤلاء المداحين الأقباط فى حب النبى محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ لا يمكن أبدًا أن تميز الأصوات التى تشدو بمدح رسول الله ـ صلى الله عليه سلم ـ والتى تستجدى المدد من أولياء الله الصالحين وهذه الأصوات لفنانين أقباط اتخذوا من هذه الموالد وسيلة لبث روح التسامح ونبذ العنف الطائفى بعد أن تجاوزوا حساسية الموقف.

فأهل القرى فى الصعيد اعتادوا دعوة هؤلاء المداحين الأقباط فى المناسبات الدينية والأفراح دون أي مشكلة أوريبة ليشدو بعدالة عمر بن الخطاب وينادوا على الورد الذى تفتح لنبى الإسلام وينادوا على السيدة فاطمة الزهراء بنت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ «افتحى الباب يا فاطمة أبوكى داعينا» حيث يلتف الجميع مسلمين وأقباطًا فى حالة توحد صوفى غير مسبوق حول أصوات جميل الديروطى وماهر المنياوى ابن الفنان الكبير الرحل مكرم المنياوى وهو أول من بدأ فى الانشاد والمديح الإسلامى منذ ثمانينيات القرن الماضى وجرجس وهبة ثم عماد جرجس هؤلاء هم من اشتهروا بمديح النبى محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ.

وربما كان الراحل مكرم المنياوى صاحب التاريخ الطويل فى فن الموال وصاحب السبق بعد أن تحدى التطرف والطائفية بالربابة والموال حيث ظل يجول فى قرى ونجوع الصعيد طيلة أكثر من 40 عامًا ينادى بالعدل والإحسان مادحا الرسول الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ قائلًا: الورد فتح لنبينا وأنا نفسى أروح المدينة أحمد ربنا على ما أدانا ويقول: «ميت مسا على اليمام.. مدد يا فولى ويابو سليمان» وهو هنا يستجدى المدد من الإمام الفولى صاحب الضريح الشهير بالمنيا ويكرر طلب المدد من سيدنا الحسين والسيدة نفسية والشيخ الفرغلى وغيرهم من أولياء الله الصالحين.

الغريب فى مسيرة الراحل مكرم المنياوى أنه يختلف عن كل المداحين بعد أن وقف بقوة فى طريق المد الإرهابى فى الصعيد وهو الذى لا يملك إلا الربابة وكان يقول كلما حاولوا اغتيالى أو إطلاق الرصاص علىّ أنا سوف أرد عليهم بالموال وبالربابة وفى النهاية الفن سيظل باقيًا وهم سوف ينتهون إن آجلًا أو عاجلًا وقد صدق كلام الغريب أن مكرم المنياوى ظل طوال تاريخه الفنى الشعبى فى الصعيد لا تستطيع أن تفرق بأنه مسلم أو مسيحى فهو كما كان يمدح الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان له مواويل عظيمة فى مدح السيدة مريم العذراء والسيد المسيح وغيرهما من رموز الديانة المسيحية .

فى الحقيقة مصر هى بلد غير أى بلد لا تستطيع أبدا أن تفرق بين أبنائه مسلم مسيحى هو مصرى أصيل يحب بلده ويعشق ترابه ويعشق جيرانه وأهله مهما اختلف معهم.. ربنا يحفظ مصر وأهلها ورئيسها وقائدها.