الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا
شروط طه حسين للحوار الإذاعى!

شروط طه حسين للحوار الإذاعى!

لا يهمنى إذا كان المقال أو التحقيق الصحفى الذى أقرأه عمره شهر أو سنة أو حتى عشرات السنين، فالمهم عندى درجة المتعة والإفادة التى سأخرج بها بعد ذلك!



من التحقيقات الصحفية المهمة والممتعة تحقيق رائع للأستاذة الصحفية الكبيرة «عايدة الشريف» عن الكتاب الكبار وأجورهم المتواضعة، وهو أحد فصول كتابها «شاهدة ربع قرن» الذى صدر عام 1995.

تقول عايدة الشريف: الدكتور طه حسين لم يكن يكتب أو يتحدث فى الإذاعة أو فى التليفزيون إلا بعد اقتضاء أجر مجز، طلبت منه الإذاعية المشهورة «آمال فهمى» أن يتحدث لمستمعى إذاعة الشرق الأوسط التى كانت ترأسها فى برنامج أسمته «لغتنا العربية يسر لا عسر» فوافق الدكتور طه على شريطة أن يتسلم أجره قبل التسجيل!

شرحت له آمال فهمى ضرورة أن يرفق نص الحديث بإذن الصرف، فذهبت توسلاتها إدراج الرياح! ولما كانت «آمال» قد أدرجت هذا البرنامج وسط فقرات شهر رمضان ونوهت عنه الصحف آنذاك، من هنا لم تجد أمامها إلا أن تدور على الأصدقاء تجمع منهم المبلغ المرتفع الذى طلبه الدكتور طه حتى يتحدث!

ذلك كان أسلوب طه حسين فى التعامل مع الإذاعة ثم التليفزيون من بعد مع المذيعة اللامعة ليلى رستم!

وعن توفيق الحكيم تكتب قائلة: على رأس المتشددين فى أجر كتاباتهم وكلامهم توفيق الحكيم الذى عُرف كأبخل أديب فى الوطن العربى، فهو يوازن بين مجالات الكسب بين الجهد والسهولة ويختار المكسب السهل، كما حدث فى برنامج «بورتريه» للمذيع التليفزيونى «طارق حبيب» الذى حكى فيه عن ذكرياته مع أبيه وأضحكنا على بخله، كل هذا لأن «طارقًا» «ألقمه» عدة آلاف من الجنيهات!

وتحكى الأستاذة عايدة الشريف هذه الواقعة وكانت وقتها تجرى حوارًا لمجلة الآداب البيروتية مع الناقد الكبير د.محمد مندور.. فتقول:

اتخذ مندور فلسفة أن يكتب بقدر المدفوع، ويوما كان يملى على مقالاً للآداب فتوقف لحظة وسألنى: كم يغطى ما كتبتيه من صفحات الآداب؟! قلت له: قد يغطى صفحتين وبجانبهما إعلانًا صغيرًا!

قال: إذن اكتبى هاتين الجملتين ثم وقعى.. هذا يكفى بالخمسة جنيهات!

والتفت إلى وهو يقول هذه ثقافة أضعنا فى سبيلها المال والجهد والزمن.. فلماذا نبيعها بأثمان رمزية؟

كان هذا أسلوب مندور مع الناشرين أما عن أجهزة الإعلام من إذاعة وتليفزيون وهى أجهزة لا تدفع لا سيما إذا انتقل المذيع بأجهزته إلى مكان المتحدث ومن ثم كان المتحدث هو من يختار مكان ووقت التسجيل، فقد ألح عليه الإذاعى البارز «طاهر أبوزيد» استضافته فى برنامج «مع الشعب» فسأل مندور: كم تدفع الإذاعة؟

قال طاهر:جراتسيا أى شكرًا بالإيطالية فرد عليه مندور: يفتح الله.. وهل اشترى بجراتسيا ساندوتش لأولادى الخمسة!!».

انتهت بعض الحكايات الطريفة التى روتها عايدة الشريف لكن الزمن تطور وبدلاً من قناة تليفزيونية واحدة أصبح هناك مئات القنوات وآلاف من ساعات البث لا بد من ملئها، وتطورت أجور الضيوف من مشاهير الكتاب والأدباء، لكنها لم تتطور أبدًا بنفس التطور الذى يتقاضى فيه مطرب ربع موهوب أو راقصة مبتدئة آلاف الدولارات عن نصف ساعة ترقص فيها أو تروى كفاحها ونضالها!!

كانت أيام.. والآن أيام أخرى!