الثلاثاء 27 أغسطس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
مقام السيدة زينب منتصر

مقام السيدة زينب منتصر

آخر لقاء جمع بينى وبين الكاتبة الكبيرة فقيدة روزاليوسف الأستاذة (زينب منتصر) فى قاعة مركز الإبداع بدار الأوبرا المصرية، وهى أحد الأماكن المفضلة لها لمشاهدة مواهب المسرح بدعوة من المخرج الكبير خالد جلال للأستاذة ولى لمشاهدة عرض «سينما مصر «وكان معها سيدة المسرح الاولى الفنانة العظيمة (سهير المرشدي) وجمعنى بهما لقاء دافئ قبل وبعد العرض لتهنئة المخرج وأبطاله الواعدين، وكان من بينهم الزميلة الموهوبة غادة طلعت التى نالت من بركة الأستاذة إشادة على ادائها فى العرض.



[ففى الكتابة المسرحية كانت الأستاذة التى رأست قسم الثقافة والفن فى بداية الألفية الجديدة كتبت فيه مجدا كبيرا ككاتبة ومفكرة فى شئون المسرح والفنون عموما صاحبة مقام على مستوى الحركة النقدية وصاحبة رأى يليق بمكانتها الكبيرة لتمتعها بأسلوب متفرد ورشيق ورصين وبمفرادات فاخرة وصيغ رشيقة ومبدعة تحمل بصمتها الخاصة وبأحاسيس صادقة وضمير يقظ لا يعرف المجاملة مما جعلها سيدة الكتابة المسرحية ليس فى روزاليوسف بل فى مصر والوطن العربى. [الأستاذة زينب أول من استقبلنى بمجلتنا العريقة روزاليوسف وشملتنى بعنايتها مهنيا وانسانيا، ومهدت لى الطريق لتقديم نفسى، كما كانت تقول لى دائما، كما أن أول طرق الوصول إلى قلب روزا وكتابها العظماء هو انا بعملى واجتهادى مع وجود دعم من القلب منها، وكانت فرحتها عارمة بصدور قرار تعيينى وقت اداراتها لقسم الثقافة والفن، وعلى دربها واصلت مشوارى بأسلحة الحق والخير والجمال تلك الفضائل التى تعلمتها من الفقيدة الغالية، وتمر الايام والسنوات لكنها تحمل ذكرى غالية ومرتبة رفيعة. ولأن روزاليوسف المكان والمكانة لها جذور فى عشق المسرح من واقع ملفات فاطمة اليوسف سارة برنار الشرق فإن الثلاثية اكتملت وتكاثرت واستمر الامتداد الى سهير وزينب، واستمر المتحور الإبداعى بالوراثة الى ابنتين الاولى «رحاب مطاوع» ابنة الأستاذة سهير، بينما وجدت» ريم» الصوت الساحر فى الغناء سبيلا. إنها ثنائيات ممتدة ومدهشة عاشت بيننا وتعيش بيننا. وكأن شيئا ما خفيا هو الذى جمع الشقيقتين المبدعتين على حب المسرح ابو الفنون، وبينما كانت الأستاذة «سهير» هى سيدة المسرح الاولى تمرح موهبتها على اكبر مسارح مصر كانت زينب على عرش الكتابة المسرحية بصدق وإخلاص بما يشبه الراهبة فى محراب الإبداع، وكانت تكتب وكأنها تصلى او تؤدى فريضة.

وفى الأعوام الاخيرة تباعدت المسافات لظروف مرضها، ثم حلول الكورونا التى أعلنت تباعد الجميع وفرقت بين الأحباء وحالت دون لقاء آخر سوى مكالمة طويلة جدا بيننا فى أول ايام عيد الاضحى الماضى تحدثنا فيها عن ذكريات ومواقف وكانت قبلها - وكما أبلغتنى الزميلة لوزة عبد السلام - أنها تعانى من اثار المرض اللعين والوباء الذى ضرب الجميع، وكانت تقاوم الآلام بعزة وكبرياء، وبعد الاطمئنان عليها.الأستاذة كعادتها تحدثت رغم قسوة المرض الذى ترك أثرا فى صوتها الرصين وقلبها الكبير على أمل التواصل معها لكن القدر كان اسبق وحال دون اللقاء.

اليوم - الثلاثاء - تستقبل مصر جثمان الفقيدة العائد من طوكيو بعد رحلة علاج تحت إشراف زوجها الكاتب الكبير أحمد عز الدين ونجلها الدكتور المهندس صلاح الدين الذى يعمل باليابان بعد اسبوع من رحيلها لتعثر إجراءات عودتها بسبب كورونا فى رحلة أخيرة وطويلة تليق بمقامها أشبه برحلة ملكات مصر فى العهد الفرعونى ليحتضن جسدها تراب مصر الوطن الغالى على قلبها حسب وصيتها، وبعد جهود كبيرة من القيادات المصرية فى مصر واليابان..رحم الله واحدة من أولياء روزاليوسف المبدعات وألهم أسرتها وأحبابها وتلاميذها الصبر والسلوان.