الإثنين 21 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
التجارة باسم الدين

التجارة باسم الدين

الخرافة والشعوذة والدجل وحكايات الإنس والجن ليست حكرًا على المسلمين والمسيحيين فقط، ولكن فى كل بقاع الدنيا ومع كل البشر.. لكن المشكلة فى مجتمعنا الشرقى أنها ترتكب باسم الدين وتحت غطاء الشرع والشريعة وهذا أخطر ما فى القضية، فإذا كنا نقول على رجال الشعوذة فى كل الدنيا إنهم دجالون ومشعوذون ونصابون فكيف حالنا ونحن نقول ذلك على شيوخ وأئمة مساجد وقساوس فى الكنائس.



وكيف سنرى أنفسنا وحالنا وشرعنا ونحن نرى ونسمع ونعيش فى ظل خرافات وخزعبلات يمارسها الأفاضل منا والعلماء فينا؟ ففى كل مكان تذهب إليه تدرككم كتب الجن والشعوذة والدجل فى شوارع القاهرة وأمام بائعى الصحف التى تعد الأكثر مبيعًا لذلك فهى حتى بعد ظهور وسائل التواصل الاجتماعى الأكثر مبيعًا وهى وسيلة سهلة ومضمونة للربح لمؤلفها وربما لهذا السبب تزايدت أعدادها بصورة ضخمة فلدى بائع واحد يوجد أكثر من عشرة كتب تحمل عناوين مختلفة ومثيرة مثل حوار مع الجن وحوار مع الشيطان وكيفية إخراج الجن من جسم الإنسان وتجربتى العملية فى إخراج الجان وإبطال السحر وأسرع طريقة لعلاج أمراض الجان والمس الشيطانى وعلاجه وقاهر الإيدز والعلاج بالجن واللؤلؤ والمرجان فى تسخير ملوك الجان، والعلاج الربانى من السحر والمس الشيطانى وعمالقة السحر وهاروت وماروت وآخر الكلام فى إخراج الجن بالقرآن وتلبيس إبليس للسيد العربى، وعجائب وغرائب الجن كما يصورها القرآن والسنة ووقاية الإنسان من الجن الشيطان.

فالجهل والخرافات فى مصر إمبراطورية.. إنها صناعة متكاملة لها خبراؤها ومراجعها وللأسف مراجع هذه الصناعة تباع فى الشوارع ويشتريها الناس.

وبالطبع فإن مؤلفى هذه الكتب لديهم مبررات للمس الشيطانى واللبس الجنى فهذا يحدث لأن الإنسان لا يصلى وإن كان يصلى فلابد أنه لايؤدى الصلاة فى أوقاتها وإذا كان ملتزمًا بالتوقيت فإن أصيب فلأنه يدخل إلى أماكن النجاسة دون الاستعاذة وقراءة أدعية الدخول إلى الخلاء.

ويصل الأمر إلى حد بالغ السذاجة فبعضهم يقول :إن إنسانًا سكب ماءً مغليًا على الأرض فأصاب أحد الجان فلبسه فى جسمه وأن آخر ألقى بسيجارة مشتعلة فأحرقت يد الجن الذى عاقبه بالدخول فى جسده وإلى آخر هذه الخزعبلات الغريبة.

الغريب والعجيب أن هؤلاء الدجالين والمشعوذين يحذرون الناس من بعضهم البعض ويدعون أن غيرهم جهلاء لا يفقهون شيئًا وأن البعض منهم تسببوا فى وفاة بعض الأشخاص أثناء ضربهم لإخراج الجن من أجسادهم أو إعطائهم وصفات غير صحيحة ويطلبون من الناس اللجوء إلى ذوى العلم أمثالهم ويستند هؤلاء المشعوذون فى هذه الكتب فى إقناع الناس على تفسير بعض الآيات القرآنية مثل «الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذى يتخبطه الشيطان من المس» وأيضًا يستندون إلى بعض الأحاديث حتى يبرروا ما يفعلونه.

معركة الدجل والشعوذة لم تكتف بالكتب والمؤلفات على الرصيف بل انتقلت إلى شاشات الفضائيات فى كل البلاد العربية لدرجة أن هناك دجالين ومشعوذين أصبحت لهم قنوات فضائية يحتكرون فيها أعمال الدجل والشعوذة بشكل يومى دون توقف.

لكن الغريب أن هؤلاء المشعوذين أصبح لهم قراء ومشاهدون فى كل مكان لدرجة أن البعض منهم أصبح من نجوم المجتمع والأمثلة كثيرة مثل نائب الجن والعفاريت الذى ألقى عليه القبض فى قضية الآثار الكبرى علاء حسنين والذى كان عضوًا فى مجلس الشعب عدة دورات.

شعوبنا العربية تحتاج إلى مراجعة وترتيب فى أفكارها حتى تستقيم الأمور لديها.