الثلاثاء 26 أغسطس 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
سفك الدماء بالجن والعفاريت

سفك الدماء بالجن والعفاريت

إنه سيناريو الجهل الذى أدمناه فتحولت أفكارنا إلى أوهام وحفلاتنا إلى زار تفصل فيما تريده الأسياد وما يطلبه الآخرون بحجة أن هذه هى أوامر الجن والعفاريت حتى لو طلبت منا قتل أعز الناس إلينا وأقربهم مودة.. لماذا؟ لأننا ألغينا العقل والمنطق والتفكير.. وتحولنا إلى آلة تتحرك بالريموت كنترول يحركها دجال أو مشعوذ ليس لديه قدر من العلم أو الضحك على عامة البشر الذين لم ينج منهم مثقف أو جاهل إلا ودخل فى براثن الجهل والتخلف والإيمان بقدرة الأسياد على فعل المعجزات.. ولابد من تنفيذ الأوامر وقد كانت كل من «عبير وهدى» قاتلتى أمهما منذ عدة سنوات فى حفلة زار من نوع خاص جدًا عندما تمت جريمة القتل التى حطمت كل معيار إسلامى.. فلم تكن هناك دفوف ولم تكن هناك «كودية» تناجى الأرواح ولا بخور لكن كانت هناك كافة طقوس الزار الأخرى كانت الفتاتان ترقصان على نغمات الجهل والتخلف عندما قامتا بإلقاء عفش المنزل من البلكونة وتكسير كل شىء داخل الشقة.



فعبير تضرب وهدى تدفع للضرب ثم يتحول الصراخ إلى زغاريد وتسيل دماء أمهما التى تبين فيما بعد أنها فارقت الحياة بعد ضرب ابنتيها لها بحجة إخراج جنى من جسدها.

واعترف الأب بأنه عندما حاول فتح باب الغرفة على عبير كانت فى حالة هياج هى وأختها هدى وتهذيان بكلمات غريبة حفظتاها نتيجة ترددهما على أحد الدجالين مع والدتيهما والذى أخبرهما بأن الأم قد لبسها جان لا يخرج من جسدها إلا بالضرب المبرح والذى كانت نتيجته وفاة الأم وكانتا تسمعان شرائط لأحد الدجالين بها عبارات أغرب من الخيال تسببت فى مشاجرات عديدة بينهما، ورغم أن  الأمر كان يستدعى الذهاب إلى طبيب نفسى إلا أنه ذهب بهما إلى المشايخ، ومن هنا اقتنع الجميع أن الفتاتين والأم قد لبسهن جن وأن عبير لبسها عفريت اسمه محمد بينما لبس هدى عفريت اسمه سالم، لكن المشكلة فى التحقيقات التى تمت مع الفتاتين أنهما قالتا إنهما قامتا بتخليص الأم من الجن، والغريب أن الفتاتين امتنعتا لفترة عن الطعام.. وإذا سألهما أحد لماذا لا تأكلان؟.. تجيب عبير.. مين قال كده أنا امبارح بس واكلة فرختين بحالهم لوحدى.. ويمضى الخط إلى نهايته فتقول الفتاة المسكينة وهى تشير إلى أحد الأشخاص الذين يقفون أمامها.. ده محمد أخويا كان مسافر فى بلاد الكفار.. وعندما سئلت عن تصفيف شعرها قالت هو عايز كده.. فسألت مين هو اللى عايز كده قالت محمد اللى جوايا.. جوزى من الجن وهو بيحب شعرى كده.

أطباء وأساتذة علم نفس أكدوا أن حالتى عبير وهدى حالة مرضية كانت تحتاج إلى طبيب نفسى لكن الأب ذهب بهما إلى دجال ومشعوذ قام بشحنهما بالخرافات والخزعبلات وأدخل فى نفسيهما مزاعم  عن سيطرة الجن على بني البشر تلك الأكذوبة التى يؤمن بها الجميع رغم نفيها من الشرع والدين والعلم والمنطق.. واقعة عبير وهدى وأمهما ليست الأولى التى  يتم قتل إنسان بسبب تخاريف الجان والعفاريت بل هناك عشرات القضايا التى تذخر بها المحاكم والنيابات عن ضحايا راحوا غدرًا تحت سمع وبصر الجميع بحجة إخراج الجن والعفاريت من أجسادهم.

الإيمان بالجن والعفاريت والخرافات الخزعبلية مازال يسيطر على المجتمع رغم أننا فى عصر العلم والمعرفة وعصر النت والأقمار الصناعية لكن مجتمعاتنا العربية ما زالت تحتاج إلى تنوير وتثقيف حتى تتخلص من الموروث القديم، وتعود إلى رشدها حتى تتقدم للأمام مرة أخرى.