الثلاثاء 23 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الحروب النفسية.. والسوشيال ميديا

الحروب النفسية.. والسوشيال ميديا

التطورات المُتلاحقة التى تُحاصر المجتمعات العربية على وجه الخصوص أصبحت غاية فى السرعة وتلعب السوشيال ميديا دورًا مهمًا فيما نتعرض له من حروب نفسية تريد تغيير الثوابت العقائدية عند الناس ونشر أخبارٍ زائفة تروج للشائعات التى تضر بأمن وسلامة المجتمع. 



من المتابعة الدقيقة قدر الإمكان لما يحدث على مواقع التواصل الاجتماعى، وبعض القنوات الإعلامية أرصد بدقة شديدة هذه الحرب النفسية التى يتعرض لها المجتمع المصرى على مدار الأربع والعشرين ساعة.. قمت بإجراء بحث لصفحات عددٍ من الأصدقاء الذين يتمتعون بتوافق نفسى وعلمى وثقافى وخرجت بنتيجة مقسمة إلى ثلاثة أقسام، أولها البعض يترقب ما يدور على السوشيال ويدلى بمشاركته فى قضية تكون رائجة مثل قضية عروس الإسماعيلية، وقسم آخر من الصفحات تلتزم الصمت وتتابع بدقة ما يدور دون إبداء للرأى على الفيس بوك.. وفئة أخرى تتابع القضية الأهم وهى الوطن وما يدور فيه خاصة مع تزامن قيام القيادة السياسية بزيارة مهمة للخارج استمرت عدة أيام.. للحقيقة طغت القضايا الفرعية والجانبية والسعي  وراء التريند على بعض الأحداث المهمة خلال العشرة أيام الأخيرة على السوشيال ميديا، ومن هنا ندق ناقوس الخطر بضرورة التوعية لما يحدث من حروب نفسية تحاول خلق عملية «إلهاء» للمجتمع المصرى لينصرف عن قضاياه الوطنية. 

الحرب النفسية عرفها  الأمريكى  «لينبارجر»   1954 وهو أول من قدم تعريفًا للحرب النفسية بأنها: أضمن سلاح استخدم فى المعارك لتحقيق المصالح التى يجرى الصراع من أجلها وبأن الحرب النفسية عمدت فى سياستها إلى استخدام الوسائل التى تحدث شرخًا عميقًا فى خصال الشخصية ومظاهر السلوك وفى طبيعة الأداء والآراء، والمعتقدات، والقيم المعنوية، والروحية للفرد وافتعال الأزمات السياسية، والاقتصادية للتأثير على الرأى العام وإثارة النعرات الطائفية؛ ليسود التباغض بين أبناء الشعب. 

من المؤلفات الحديثة التى يجب الاطلاع عليها حديثًا كتاب «حُروب الجيل الرابع» لمؤلفه د.عمر محمد على، والذى يشير إلى  تطور الحروب عبر العصور خاصة حروب الجيل الرابع والتى تركز فى جوهرها على الضغوط السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية والحرب النفسية، التى تستثمر خصائص المجتمعات، وتعمل على التأثير فى تماسكها، وتفجير التناقضات الكائنة بها، بما فيها الخصائص والمشكلات العرقية، حتى يتم فى النهاية سقوط الدولة من الداخل وتحوُلها إلى دولة فاشلة.

ويوضح الكاتب أن حروب الجيل الرابع تعتمد فى المقام الأول على المواجهة الخفية مع أفراد المجتمع عن طريق استغلال ما يتم التوصل إليه من معلُومات، بما يخدم زعزعة الثقة بين المجتمع ومؤسساته، وتعد الشائعات من أهم أساليب ووسائل الحروب النفسية والاجتماعية. 

من وجهة نظرى انتهت الحروب التقليدية مهما بلغت التصريحات المتبادلة بين طرفى الصراع فى العالم بعد التطور الرهيب والتسابق فى الحصول على أسلحة الردع النووية وما يمكن أن يحدث فى العالم جراء استخدام هذه الأسلحة الفتاكة، ولذلك الحروب والعمليات النفسية للشعوب حاضرة بقوة لسنوات طويلة مقبلة وما يحدث من هدم للثوابت الدينية  والوطنية والاجتماعية والأخلاقية داخل المجتمع المصرى وليس ذلك ببعيد.  تحيا مصر