الثلاثاء 30 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
امبراطورية الخرافة

امبراطورية الخرافة

امبراطورية الخرافة لا تتوقف عند الأماكن التى يعجز عندها الناس، بل تستمر حتى تسيطر عليهم وتبهرهم بأنها على كل شىء قدير، وقد استطاعت امبراطورية الخرافة أن تسيطر على المجتمع طوال فترة التسعينيات من القرن الماضى، وبداية فترة الألفية الجديدة بظهور عدد من الدجالين والمشعوذين الذين ادعو أنهم شيوخ وأصبح لهم مساجد يخطبون فيها وقنوات يظهرون عليها ويدعون بأنهم علماء وشيوخ وهم فى الأصل دجالون ومشعوذون ولا ينتمون لأى دين بأى صلة، وقد وصل الأمر أن الناس كانوا يصدقونهم ويعتقدون فيهم بشكل كامل، وقد ظهر ذلك فى العديد من الحوادث مثل إحدى الحوادث التى وقعت فى إحدى محافظات الوجه البحرى فى ذلك الوقت عندما ذهبت «نبيلة» زوجة «عوض» إلى شخص يقال إنه الشيخ مبروك بحثًا عن أمل فى ولى العهد بعد أن ظلا عقيمين فترة طويلة وبعد تحديد الموعد المختار الذى قد يتأخر إلى شهور لشدة الإقبال على المشعوذين الذى كان لهم سكرتارية فى ذلك الوقت لتحديد المواعيد، جلس الزوجان مع المشعوذ وسط البخور المتصاعد وعرضا المشكلة فكتب لهما روشتة العلاج المجنونة وهى الاستحمام بخلاص جنين مُجهض حديثًا وقال لهما لن تنجبا إلا بهذه الطريقة.



فى البداية رفض الزوج الفكرة القذرة.. لكن زوجته أخبرته بعد عامين أنها رأت فى المنام جانًا يأمرها بإجهاض سيدة حامل لأول مرة والاستحمام هى وزوجها بخلاص جنينها حتى تُنجب وأنهما لن يريا طفلهما إلا بهذه الطريقة... وظلت الزوجة تقنع زوجها وتؤكد له رؤية هذا المنام أكثر من مرة حتى وافقها فى النهاية.

وقررا تنفيذ أوامر الجان... وبعد تفكير لم يستمر طويلًا وجدا ضالتهما فى جارتهما العروس والتى كانت حاملًا فى الشهر الخامس لأول مرة.. وبعد خرج زوجها لعمله طرقا عليها الباب وما أن فتحت باب الشقة حتى انهالا عليها ضربًا باللكمات والشوم حتى أُجهضت وتمكنا من الحصول على خلاص الجنين داخل كيس بلاستيك وانتهى الأمر أما النيابة خاصة أن صُراخ الضحية سُمع على بعد كيلو مترات.

فى بيت قريب أيضًا كان يعيش أب عجوز مصاب بما يشبه الاكتئاب النفسى الذى دفع ابنه محمد لليأس من علاجه بينما هو يريد إعادته إلى حالته الطبيعية بأى شكل وبسرعة .. فنصحه أصدقاؤه بعرضه على أحد المعالجين الروحانيين ممن تشهد لهم المنطقة بالقدرة على الشفاء فى الحال.. واستبدل الابن الشيخ عبدالله كما يُسميه أهل المنطقة من الجهلاء بالأطباء... وهناك وجد جمعًا غفيرًا من البشر فى انتظار أدوارهم حتى جاء الدور على والد محمد وقرأ عبدالله بعض الآيات... ثم قال: إنه يحتاج إلى بعض جريد النخيل الأخضر وشخص آخر من أقاربه.. ثم أمرهم بوضع الأب المريض فى غرفة مظلمة وأمره بخلع ملابسه وانهال عليه عبدالله ضربًا بالجريد الأخضر حتى يخرج منه الجان ووصل الأمر إلى حد اشتراك الابن وابن العم فى هذه المهزلة دون اعتبار لآلام وصُراخ الرجل.. خاصة أنهم كانوا يعتقدون أنه كلما صرخ كان ذلك تعبيرًا عن صراخ الجان نفسه وأنه على وشك الخروج من جسد الرجل.. حتى انقطع النفس وسكت الصوت عن الصراخ فأعلن الدجال أن الجان قد خرج من جسد العجوز وأمرهم بإضاءة الغرفة لكى يرى العجوز على حالته الطبيعية... وبالطبع لم تكن مفاجأة حين نعرف أن العجوز المضروب بالجريد والمغلوب على أمره قد مات والمصيبة أنه أقنع الابن بأن الجان هو من قتله.

هذه القصص والحوادث التى كانت وما زالت تذخر بها محاضر الشرطة والنيابات هى دليل على الاعتقاد الخاطئ من بعض الناس الذين مازالوا يصدقون هؤلاء الدجالين والمشعوذين فرغم أن هذه القصص قد حدثت فى فترة سابقة إلا أن البعض مازال يعتقد فيها ويجرى وراءها رغم التطور الهائل فى وسائل المعلومات ووسائل المعرفة وهى لا تفرق بين جاهل ومثقف أو بين أمى ومتعلم الكل يجرى وراء الأوهام وامبراطورية الدجل والشعوذة تزداد سطوتها وغناها الفاحش.