الثلاثاء 22 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الفضائيات الأجنبية والأزمة الأوكرانية!

الفضائيات الأجنبية والأزمة الأوكرانية!

لا يوجد بيت واحد فى العالم لا يتابع على شاشة الفضائيات الإخبارية تطورات الوضع العسكرى فى أوكرانيا بعد غزو روسيا لأراضيها!



كل مُشاهد يبحث عن معلومة أو ينتظر تحليلًا سياسيًا أو عسكريًا أو اقتصاديًا لتداعى هذا الغزو!

والمُشاهد أياً إن كان بلده يريد أن يعرف بالضبط ما أثر ما جرى على بلاده سياسيًا واقتصاديًا!!

استضافت الفضائيات الإخبارية مئات المحللين والخبراء ليتحدثوا ويناقشوا الأزمة من طقطق لسلاموا عليكو!

أغلب المشاهدين خاصة فى عالمنا العربى السعيد اتجه إلى مشاهدة محطتين هما «روسيا اليوم والحرة الأمريكية» ولا مانع من مشاهدة فرانس24 و«بى.بى.سى عربى والصين اليوم» وغيرها من محطات أجنبية تبث باللغة العربية!

وكل محطة من هذه المحطات انحازت تمامًا وساندت ودعمت أجندة بلدها دون تردد، فمحطة «روسيا اليوم» تدعم وتؤيد ما فعله الرئيس بوتين وكذلك كل ضيوفها من خبراء ومحللين!

ومحطة «الحرة» الأمريكية فعلت نفس الشىء وتدافع عن كل كلمة وقرار أصدره الرئيس الأمريكى بايدن.

الحيرة الشديدة والارتباك لابد أن يصيب المُشاهد، فكل جانب لديه من الحجج والأسانيد التاريخية والقانونية والأمنية ما يبرر موقفه من الغزو!

ولا أحد يتكلم أو يشرح لوجه الحقيقة المطلقة، أنه فقط يدافع عن مصالح بلده بالدرجة الأولى حتى لو كان يكذب!

ولن تجد فى أى قناة من يشكك ولو للحظة فى القرار الذى اتخذته دولته، وكما يقول المثل انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا.

ونفس الحيرة التى طالت المشاهد العادى، طالت أيضا أهل الفيس بوك فامتلأت صفحاتهم بالهبد والهرى، وكلما سمعوا معلومة من فضائية سارعوا بكتابتها على صفحاتهم، حتى لو كانت المعلومة غير منطقية وغير معقولة، بل وصل الأمر ببعضهم أنهم ينشرون تفاصيل معارك حربية - لم يشاهدوها إلا على شاشة فضائية - فتبنوا ما يرونه على أنه الحقيقة التى حدثت بينما فضائية أخرى تنفى وتكذب هذه المعارك!!

يا عزيزى المشاهد المحتار والمسكين أقول لك بصدق «فتح مخك تأكل ملبن» ولا تسلم مخك لكل من هب ودب من محللين وخبراء تحليل وتخليل!

ودعنى أذكرك هنا بنصيحة الكاتب الصحفى العالمى «أرثر سالزبورجر» مؤسسة جريدة «نيويورك تيمس» بما كتبه ذات يوم وأعاد الأستاذ محمد حسنين هيكل نشره فى إحدى مقدمات كتبه إذ يقول الرجل بخبرته الطويلة: إن رأى أى إنسان فى أى قضية لا يمكن أن يكون أفضل من نوع المعلومات التى تقدم إليه فى شأنها!

أعط أى إنسان معلومات صحيحة ثم اتركه وشأنه سيظل معرضًا للخطأ فى رأيه ربما لبعض الوقت ولكن فرصة الصواب سوف تظل فى يده إلى الأبد.

احجب المعلومات الصحيحة عن أى إنسان أو قدمها إليه مشوهة أو ناقصة أو محشوة بالدعاية والزيف - إذن فقد دمرت كل جهاز تفكيره ونزلت به إلى ما دون مستوى الإنسان. هكذا ينصحنا واحد من شيوخ الصحافة المعلومة ثم المعلومة الصحيحة، وبعدها يمكنك أن يكون له رأى يعتد به، أما إذا سلمت «مخك» لفضائيات أجنبية تبلع كل ما تقوله دون تفكير لحظة فى هذا الذى تسمعه فأنت حر وذنبك على جنبك!

كل المحطات الفضائية ليست جمعيات خيرية تساعد المُشاهد المسكين والمحتاج، إنها محطات هدفها الوحيد خدمة أجندة وأهداف بلدها الذى تنتمى إليه حتى لو كانت ترفع شعارات من نوعية الرأى والرأى الآخر، أو الحقيقة ولا شىء غير الحقيقة!

عزيزى المشاهد ذنبك على جنبك!