فى ذكرى ميلادها الـ 91
أسرار الأغانى الممنوعة والمحذوفة لــ«معبودة الجماهير»

سوزى شكرى
فاطمة أحمد شاكر (8 فبراير 1931 28 نوفمبر 2017) صوت مصر “شادية” نحتفى بعيد ميلادها الـ91، وقد اخترنا أن يكون احتفالنا بعيد ميلادها بتسليط الضوء على إنتاجها الغنائى، كما وثقها ورصدها الكاتب الصحفى والباحث “محمد دياب” حيث قام بإعداد قائمة لأغانى شادية ومرتبة ترتيبًا زمنيًا وتأريخيًا وبتفاصيل دقيقة وقد تخطت القائمة نحو 500 أغنية تقريبًا وجاء التقسيم (اسم الفيلم وتاريخ عرضه، اسم الغنوة اسم الشاعر، الملحن)، كما جاء التصنيف على حسب تنويعات الأغانى (أغانى الأفلام، أغانى الإذاعة والتليفزيون، أغانى الحفلات العامة والمسرحية، بالإضافة إلى رصد الأغانى المحجوبة والتى تسكن خلفها كواليس، توقفنا عند كواليس الأغانى الممنوعة والمحجوبة وغيرها، وذلك من خلال إصدار مركز الهلال للتراث الصحفى بعنوان “شادية تتحدث عن نفسها”.
قوائم الأغانى وأسباب المنع
حول مراحل إعداد قوائم الأغانى ذكر دياب: أنها استغرقت شهورًا، عندما شرعت فى إعداد هذه القائمة استعنت بكتابي- نيرة ونوره الشراح بعنوان «شادية نغم فى القلب»، و«شادية والغناء فى حب مصر»، ثم اكتشفت أن الكتابين رغم المجهود المبذول فيهما يعجان بالأخطاء فى نسب كلمات وألحان الأغانى لشعراء وملحنين غير مؤلفى تلك الأعمال، كما أنهما ينسبان أغنيات فى أفلام إلى أفلام أخرى غير تلك التى ظهرت فيها، ناهيك عن كونهما أهملا ذكر أغنيات قدمتها شادية.
وأضاف دياب: فلجأت إلى موسوعة الأغانى فى السينما المصرية، للناقد والباحث محمود قاسم، اكتشفت أيضًا أنه أغفل عددًا من أفلام شادية، وأنه كذلك وقع فى أخطاء كثيرة فى أسماء مؤلفى وملحنى الأغانى وأغفل ذكر العديد من الأغانى الواردة فى الأفلام، واستعنت بدليل أفلام حقبة الخمسينيات الذى أعده الزميل محمد حربى الكومى لمجلة السينما، وكان مفيدًا للغاية خصوصًا فى نسب الألحان والكلمات إلى مؤلفيها لأن أفلام الأربعينيات والخمسينيات لم يكن صانعوها مهتمين بكتابة اسم الأغنية بجوار اسم مؤلفها وملحنها، بل كانوا يضعون أسماء الشعراء وملحنى أغنيات الفيلم فى لوحة واحدة دون كتابة أسماء الأغانى.
وأكمل: لذا شرعت فى مشاهدة عشرات الأفلام لشادية ومراجعة تترات الأفلام ولجأت إلى مساعدة الدكتور هانى الديب أحد أهم عشاق شادية، وأيضًا المهندس مجدى فتحي، الذى ساعدنى كثيرًا فى تحقيق أغانى الأفلام وتواريخ عدد لا بأس به من الأغانى الإذاعية، وأيضًا الأستاذ إبراهيم حفنى ويعود له الفضل فى تحقيق تواريخ الغالبية العظمى من أغانى شادية فى الإذاعة المصرية.
يفسر الصحفى الباحث «دياب» أن المنع مختلف فى مستوياته، فالمنع من قبل الرقابة على المصنفات الفنية، يعنى منع العمل تمامًا فى كل الوسائط حفلات وإذاعات واسطوانات وسينما وتليفزيون، أما اعتراض الإذاعة المصرية على أغنية ما ومنعها، فذلك يعنى عدم تقديمها فقط من خلال الإذاعة المصرية، ويمكن تقديمها من خلال باقى الوسائط، وقد يطلب ملحن ما أو مطرب ما أو منتج بمنع أغنية له من الإذاعة بسبب عدم رضائه عنها، وهذا غالبًا ما يكون مؤقتًا.
منعتها الإذاعة وأعادتها شادية، أول أغنية لشادية تعترض عليها الإذاعة وترفض تقدميها لمستمعيها، بدعوى أن شادية كانت تؤديها بشقاوتها، أغنية «أحب الوشوشة» للشاعر حسين السيد والموسيقار رياض السنباطى، وكانت ضمن أحداث فيلم «ليلة من عمرى»، وكانت تغنيها فى الفيلم لزوجها وقتها الفنان عماد حمدى، غير أن هذا المنع لم يدم طويلًا فقد قامت شادية بتقديم الأغنية فى حفل نقلته الإذاعة بسينما روكسى فى 16/10/1955، وفى هذا الحفل خففت شادية من طريقة أدائها للأغنية التى كانت همسًا كما غنتها فى الفيلم، واعتمدت الإذاعة هذه النسخة .
وأغنية أخرى لشادية منعتها الإذاعة ولكن المنع هنا جاء حتى قبل تسجيل الأغنية من قبل لجنة النصوص التى اعترضت على كلماتها، تقول الغنوة «لا يا خويا إحنا فى رمضان» غنوة غرامية تدور أحداثها خلال الشهر الكريم ما بين فتاة وحبيبها، كتبها الشاعر حسين السيد ولحنها الموسيقار محمد عبدالوهاب وتغنيها شادية لحساب الإذاعة المصرية، إلا أنها لم تسجل.
عبدالوهاب يمنع أغنيته 18 عامًا
منع محمد عبد الوهاب أغنية لشادية من ألحانه لمدة 18عامًا، وهى أغنية «بسبوسة» التى لحنها لها لتقدمها فى فيلم «زقاق المدق»، كان الفيلم يتضمن أغنيتين هما «نو يا جونى نو» و«بسبوسة»، إلا أن المخرج حسن الإمام وجد أن مدة الفيلم طويلة فقرر الاستغناء عن أغنية من الاثنتين، وترك لشادية مهمة الاختيار، قررت استبعاد أغنية «بسبوسة» ما أثار غضب الموسيقار محمد عبدالوهاب وجعله يتوقف عن التلحين لها، وحجب الأغنية تمامًا عن الإذاعات والأسطوانات، حتى جاءه المنتج مراد نجيب رمسيس وطلبها منه ليضمها إلى أحداث فيلم «وادى الذكريات» للمخرج هنرى بركات، ووافق عبدالوهاب على خروج الأغنية بعد حجبها عقدين من الزمان.
أغان حذفت لأسباب غير معروفة
قام المخرج حسن الإمام بحذف أغنية «يويو» لشادية وتعنى ترجمتها «أنت أنت» من فيلمه «حب من نار» رغم تسجيلها ضمن أحداث الفيلم، وكشف «دياب» عن أن فى أحد مشاهد الفيلم دار حوار بين شادية ووداد حمدى يؤكد أنهما يتحدثان عن الغنوة، مما يؤكد أنها كانت بالفيلم بالفعل، وحذفت ولم تخرج للنور حتى اليوم. بفيلم «الزوجة السابعة» غنت شادية «كتبوا كتابها وعلوا جوابها» الأغنية ظهرت فى الفيلم عند عرضه جماهيريًا، لكن حذفت فيما بعد من الفيلم لكن لحسن الحظ رفعها مؤخرًا أحد عشاق شادية على موقع يوتيوب.
أغانى استبعدت من أفلامها
الأولى هى: ديالوج «أدينى أهه جتلك بدرى» المأخوذ من أوبريت «شهرزاد» للشيخ سيد درويش وأشعاربيرم التونسى وتوزيع الأخوين رحبانى، اختفت وظلت مغيبة عن الإذاعات، والجمهور حتى قام المطرب اللبنانى الراحل مروان محفوظ الذى كان يحتفظ بنسخة منها، بنشرها على صفحة خاصة بالأخوين رحبانى على موقع فيس بوك قبل نحو عشرة أعوام، لتعود لتحلق من جديد بصوت شادية بعد حجب دام لنحو أربعة عقود.
الثانية: يراعينى عالولد «من فيلم” شىء من الخوف» وهى تختلف فى كلماتها عن الأغنية الوحيدة التى غنتها شادية فى الفيلم وتحمل الاسم نفسه، تقول كلمات الأغنية التى كتبها عبدالرحمن الأبنودى ولحنها بليغ حمدى: «يراعينى يراعينى يراعينى عالولد/ الواد كما أى عيل فى عيال ناس البلد/ جسمه برضك قليل زى عيال البلد/ يغوى صوت السواقى لما يملا البلد زى ولاد البلد/ والقلب أخضر مزهزه لا مكر ولا حسد زى ولاد البلد».
الأغنية حذفت من الفيلم بصوت شادية وتم استبدالها بنسخة أخرى منها لكن بصوت الكورس ضمها المخرج حسين كمال للفيلم، وقامت شركة «صوت الفن» بطبعها وقت عرض الفيلم على اسطوانة صغيرة ضمت موسيقى وأغانى الفيلم، لكنها اختفت بعد فترة واختفت معها الأغنية، وعادت لتظهر بعد أكثر من أربعة عقود من الاختفاء من خلال صفحة خاصة بالموسيقار بليغ حمدى عى شبكة الإنترنت.
الثالثة : هى أغنية «يا خسارة نسى» للشاعر محمد حمزة والموسيقار بليغ حمدى، وهى الأغنية نفسها التى أذيعت بصوت الفنانة نجاة الصغيرة. حكى حمزة من أن بليغ كان فى جلسة جمعته مع نجاة الصغيرة، وأمسك بعوده وبدأ فى غناء الأغنية، وأبدت نجاة إعجابها الشديد بالأغنية، وأوضح لها بليغ بأنها تخص شادية فوعدها بليغ بأن يعود لشادية أولًا، فوافقت شادية على أن تغنى نجاة الأغنية.
نجاة كانت أطلقت «يا خسارة نسى» فى حفل عام وطبعتها على أسطوانات، عزفت شادية عن تقديم الأغنية وبقى تسجليها منسيًا لأكثر من 20 عامًا، حتى قدم لمرة واحدة فى إذاعة «الشرق الأوسط» فى برنامج «ألوان» الذى كانت تقدمه الإذاعية القديرة مديحة نجيب منتصف ثمانينيات القرن العشرين.
استعادة أغانيتها من الكويت
عن هذه الخبيئة يحكى «دياب» أن فى منتصف الستينيات سجلت شادية فى القاهرة 12 أغنية لصالح إذاعة الكويت، فى الفترة ما بين عامى 1964 و1967 وهما: «يا أمى» كلمات إدوارد سليمان ألحان منير مراد، و«شهر الهنا رمضان» كلمات عبد السلام أمين ألحان حلمى أمين، و«متشوقة» و«سيد الحلوين»، و«إشاعة» والثلاثة من كلمات محمد حمزة و «آه يا نارى» كلمات إبراهيم رجب، و«آه يا سلام لو تعرف بس» كلمات فتحى قورة و«على البحر ياعين» كلمات فتحى قورة، و«يا سيدى» كلمات عباس الخويسكى، و«كفاية أحبك أنا» كلمات أحمد شفيق كامل، و«بشويش» كلمات عبد الرحمن الأبنودى، و«أنا عشرية» كلمات نبيلة قنديل، وجميعها من ألحان بليغ حمدى.
والأغانى هذه كانت خاصة بالإذاعة الكويتية فقط، ولم تكن تبث من خلال الإذاعة المصرية كما أنها لم تطبع على اسطوانات تجارية، وبقيت بعيدة عن آذان جمهور شادية فى مصر لنحو ثلاثة عقود.
وذكر دياب: يعود الفضل فى عودتها إلى الحياة مجددًا ونشرها عبر شبكة الإنترنت إلى المهندس مجدى فتحى أحد أشهر عشاق الفنانة شادية، الذى تمكن من الحصول على نسخ منها قبل نحو عشرة أعوام وأهداها للإذاعة المصرية وتم بث معظمها فى لقاء إذاعى جمعة بالإذاعى القدير إبراهيم حفنى فى إذاعة الأغانى.
وتوسطت أم كلثوم لاستعاده أغنية لشادية منعت قيل إن كاتبها الشاعر نجيب نجم الذى يتشابه اسمه من أحد الشعراء الذين لهم انتماءات سياسية فى تلك الفترة وممنوع من الإذاعة المصرية، وبحسب ما روت شادية فى مذكراتها التى كتبتها لها الصحفية إيريس نظمى فكرت أم كلثوم فى حل للازمة، واقترحت على شادية أن تكلف الشاعر عبد الوهاب محمد بكتابة كلمات جديدة على نفس اللحن الذى وضعه إبراهيم رأفت، وكانت أغنية «أنا وقلبى يا روحى قلبى حياتنا ليك».
مالكشى فى الطيب نصيب
وعن لقاء شادية مع ألحان الموسيقار محمد على سليمان الأول عام 1978 قدموا «أصالحك بإيه» كلمات محمد زكى الملاح، «بحبك حب أكبر» كلمات عبدالوهاب محمد، الأغنيتان حققتا نجاحًا كبيرًا وقتها، وفى العام التالى لحن لها الأغنية الطربية الطويلة «مالكشى فى الطيب نصيب» من كلمات عبدالرحمن سيد الأهل، غير أن الأغنية غنتها شادية لمرة واحدة فقط فى الحفل إلى أقامته هيئة البترول فى سينما رمسيس فى الأول من إبريل عام 1981.
تقول كلمات الأغنية: «الناس كلامهم غيرك بقى معقول/ موال سمعته وحيرك كده على طول/ آه من كلام الناس بيجرح الإحساس/ لجرحى دوا وأنت الدواء وأنت الطبيب وتقول نصيب/ بكره الزمن هيعرفك مين العدو ومين الحبيب/ روح أنت كده مالكش فى الطيب نصيب»، وكانت أطول أغنية غنتها شادية على الإطلاق فقد غنتها فى نحو ساعة وربع الساعة.
واختفت الأغنية بعدها تمامًا، لم تغنها شادية فى حفلات أخرى ولم تقدمها الإذاعة ولم تطبع على أسطوانات أو كاسيت، وقيل إن ملحنها محمد على سليمان هو من يقف وراء قرار المنع، وبقيت الأغنية حبيسة أدراج الإذاعة طوال نحو ثلاثين عامًا وبعد اعتزال شادية الفن بنحو خمسة وعشرين عامًا، قامت إذاعة الأغانى بإحياء الأغنية من جديد وتقديمها من الحفل الذى غنته فيه، دون أن يعرف الجمهور سبب حجب الأغنية طوال هذه الأعوام.
وعن كواليس المنع سرد «دياب» ما ذكر محمد على سليمان فى أحد حواراته فى الصحف أنه هو من منع الأغنية فقال «سليمان»: أرسلت إنذارًا قانونيًا إلى الفنانة شادية أطالبها فيه بعدم غناء الأغنية مرة أخرى، وأرسلت إنذارًا مماثلًا للإذاعة بعدم إذاعة الأغنية! لأن يوم تسجيل الأغنية وصلت الاستديو متأخرًا لظروف ووجدتهم قد شرعوا فى تسجيل الأغنية وتعديل أجزاء من اللحن بحجة أنها صعبة على الفرقة، قائد الفرقة الموسيقية حمادة النادى قام بتعديل اللحن وأقنع شادية بالتعديل، وتم تسجيل الأغنية فى غيابى، وفؤجئت أن بعد عام أن شادية تغنيها فاتخذت الإجراء القانونى لأننى لم أكتب لها تنازلًا عن اللحن ولم أحصل على أجرى، ومع دخول وسطاء تنازلت عن القضية والأغنية أذيعت فى إذاعة الأغانى ومحدش كلمنى يستأذن وأنا قلت خلاص مفيش مشكلة “.
الغنوة الممنوعة
قررت شادية حجب أغنيتها «عيد ميلاد الحلوة سارة» للشاعر سمير الطائر وألحان هانى مهنى فى اللقاء الأول والأخير مع ألحانه، سجلتها عام 1984 لتقدمها هدية لطفلة اسمها سارة فى عيد ميلادها ابنة لأسرة مقربة من شادية ولم تغنها شادية فى حفلات ولم تطبع تجاريًا ولم تقدمها للإذاعة، لكن الذى أخرج الأغنية للنور هو شاعرها الذى قدمها للإذاعة ضمن برنامج «من تسجيلات الهواة» بعد اعتزال شادية بسنوات طويلة، وذكر خلال اللقاء أن شادية سجلتها بعد فترة من اعتزالها، لكن أرشيف شادية الصحفى يذكر أنها سجلتها فى العام الذي ذكرناه.