الجمعة 10 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
هل هناك ما يسمى بالخلافة الإسلامية؟

هل هناك ما يسمى بالخلافة الإسلامية؟

الحقيقة أن هذا السؤال طالما أرّقنى وجعلنى أقرأ فى التاريخ الإسلامى وأتعمق للوصول إلى فكرة الخلافة وماذا تعنى؟ وهل توجد فى العالم غير الإسلامى أم أنها اختراع إسلامى بحت، كيف جاءت وماسبب وجود من يحاول إحياء هذه الفكرة ورغم ذلك لم أصل إلى الحقيقة الكاملة!



يُعمق الإسلاميون فى الحقيقة المعنى العكسى لأهدافهم تجاه السلطة، من خلال الترويج بأنهم قوى معارضة لا تسعى إلى الحكم! 

وأنهم إذا كانوا يريدون السلطة لساروا فى ركاب الأنظمة السياسية فى بلدانهم ولم يخرجوا عليها حتى يصلوا إلى مبتغاهم لا أن يقفوا أمامها ويعارضوها؛ هذه فردية دعاة الإسلام السياسى التى ترى أنها أحق بالسلطة من خصومهم، ولذلك ينقلبون على هذه السلطة ويحاولون أن يخطفوها حتى ولو بدا ذلك بالمهادنة فى بعض الأحيان، فسيطرتهم على السلطة هدف استراتيجى وأن تكون هذه السيطرة منفردة من دون أن يشاركهم فيها أحد، غير أن العنف هو المشترك الأساسى بينهم للوصول إليها.

حق مشروع لأى قوى معارضة أن تسعى للسلطة، إذا كانت قوى سياسية وليست دينية وإذا كانت الأخيرة فلا بد ألا تُصدّر الدين فى معركة سياسية، فمواجهة الخصوم بشعارات التكفير ومن قبلها الإقصاء دليل على أن الإسلاميين لا يؤمنون بالعملية الديمقراطية بل ويناصبونها العداء، كما يفعلون ذلك مع الدين نفسه عندما أدخلوه فى معاركهم الخاصة بدعوى تحكيمه وتطبيقه وفق أهوائهم فشوّهوه.

الإسلاميون يتعاملون مع خصومهم السياسيين على أنهم خصوم الفكرة التى يحملونها ويلخصون هذه الفكرة فى الدين، وهنا سوء فهم عن قصد، وبالتالى تبدو المنافسة أشبه بالصراع وأبعد ما يكون عن السياسة التى يعمل كل منهما فى حلبتها، فيرى الإسلاميون خصومهم على أنهم أعداء للدين، ومعارضة هؤلاء الإسلاميين تكون مبنية على فكرة التصفية المعنوية واتهام خصومهم بأنهم كفرة، وهنا يبدو الدين أداة لهؤلاء كما يبدو خصومهم أعداء وليسوا منافسين.

بعض الإسلاميين يدّعون ارتداءهم ثوب الوسطية، تجد بعضهم يتحدث بلغتك ذاتها ويستخدم المفردات السياسية نفسها التى تستخدمها وقد يشاركك بعض الاجتماعات ويخضع للديمقراطية فى أى طرح طالما أوصله ذلك إلى مبتغاه، ولكن عندما يصل إلى السلطة يصفك بالمتآمر فضلاً عن أنه لا يعطيك أى فرصة لمعارضته ولو كان من أجل أن يبدو أنه متسامح ويسمح بالرأى والرأى الآخر، وهو ما يخالف حقيقته.

تؤمن التنظيمات الدينية بالخلافة الإسلامية وترى أنها النموذج الوحيد لإدارة الدولة... تسعى لفرضه على النّاس حتى لو تم تطبيق ذلك على جثث وجماجم البشر، وعند التدقيق نجد أن الإسلام لم يضع شكلاً محدداً للدولة، أقامها الرسول فى المدينة وبعد وفاته خلفه سيدنا أبو بكر الصديق، وعند وفاة الصديق وجد المسلمون حرجاً فى تسمية عمر بن الخطاب بالخليفة، فكيف يكون خليفة الخليفة أبو بكر؟

 ومن وقتها أُطلق على الفاروق، أمير المؤمنين، وظل هذا الاسم فى الحقبة الأموية والعباسية، إلا أن بعض المسلمين الذين ورثوا المسمى أحيوه على أنه دين.

تعتبر التنظيمات المتطرفة أن الخلافة فرض من فروض الدين، ولا ينبغى إقامة الدين من دونها، وهنا ينبثق من مفهومها أن الخليفة القائم على أمر الدولة إنما هو ظل الله على الأرض ولا يجوز الخروج عليه، لأنه قائم على الدين كما أنه قائم على أمور الدنيا، وهنا الخروج عليه وكأنه خروج على الدين نفسه، والخلافة لم تكن امتداداً للنبوة كما يعتقد الشيعة وبخاصة الإمامية والإسماعيلية، فكل منهما يرى الخليفة أنه إمام المسلمين وهو معصوم، فهو كالنبى غير أنه لا ينزل عليه الوحي، فأى خروج على حاكم يرى مريدوه أنه أشبه بالنبي؟