
أ.د. رضا عوض
سنوسرت الثالث (1878 ق.م.-1839 ق.م)
خامس فراعنة الأسرة الثانية عشرة، ويعتبر من أعظم فراعنة الدولة الوسطى. سماه الإغريق سيزوستريس الثالث، ويُعد سنوسرت الثالث أحد أبرز ملوك مصر على مدار التاريخ، ومن أكبر الغزاة الذين خاضوا حروبًا قوية دفاعًا عن حدود مصر وتوسيع رقعتها من جهة الجنوب نحو السودان ومن جهة الشمال ضد الآسيويين كما يؤكد الأثريون. واصل سنوسرت الثالث توسع المملكة المصرية الوسطى فى النوبة (من 1866 ق.م. حتى 1863 ق.م.), فقد قام بأربع حملات على الأقل على النوبيين فى سنواته 8 و10 و16 و19.. وأقام قلاعًا نهرية ضخمة منها بوهن وتوشكى عند اورونارتى ووصل حتى الشلال الثالث, وهناك مسلة تذكر إنجازاته الحربية فى النوبة وفلسطين, كما بنى قلعة فى مدينة بيبلوس الفينيقية (مدينة لبنانية) وبنى قلعتى سمنة وقمنة ما وراء الجندل الثانى لحماية مصر الجنوبية والغربية, وتوجد لوحة كبيرة سميت لوحة الحدود الخالدة فى السنة السادسة عشرة من حكم سنوسرت الثالث يقول فيها سنوسرت الثالث....…
(لقد جعلت تخوم بلادى أبعد مما وصل إليه أجدادى، ولقد زِدت فى مساحة بلادى على ما ورثته، وإنى ملك يقول وينفذ، وما يختلج فى صدرى تفعله يدى، وإنى طموح إلى السيطرة، وقوى لأحرز الفوز، أهاجم من يهاجمنى حسب ما آلت الأحوال، والشجاعة هى مضاء العزيمة، والجبن هو التخاذل، وإن من يرتد وهو على الحدود جبان حقًا).”.
كما قام بنهضة كبيرة فى الأعمال المعمارية والفنية والملاحية والزراعية وأعمال الرى التى لم يسبقه إليها أحد من قبل، وازدهرت فى عهده التجارة ووصلت إلى أقصى بلاد الجنوب وإلى الشمال مع بلاد الشام، كما نشطت أعمال الملاحة، وتوسع العمران فى عهده بشكل مذهل، ومن أعماله إنشاء أول قناة مائية تربط ما بين البحر الأحمر والمتوسط عن طريق النيل سميت هذه القناة قناة سيزوستريس وأنشأ امتدادها وأسماها قناة (كبريت)، أدت هذه القناة إلى ازدياد حركة التجارة مع مصر وبلاد بونت وبين مصر وجزر البحر المتوسط (كريت وقبرص), وتوجد كتابات محفورة بالصخر الجرانيتى فى جزيرة سهل (قرب أسوان)، تدون حفر قناة سيزوستريس، كما أنشأ معبدًا فى أبيدوس، ومعبدًا آخر فى مدامود..
وفى آخر أيام حكمه الذى استمر تسعه وثلاثين عامًا كما جاء ببردية رايند، برلين، والتى يعتقد أنها كُتبت فى عهد ابنه أمنمحات الثالث، أشرك سنوسرت الثالث ابنه أمنمحات الثالث فى حكم البلاد. وبنى لنفسه هرم سنوسرت الثالث ويقع فى دهشور شمالى اللشت أى فى اللاهون وسماه حتب أى السلام وبالقرب من هذا الهرم مدافن الملكة نفرهنت وأميرات آخريات.
وقد عثر بين أوراق كاهون على القصيدة التى كُتبت تخليدًا لذكراه وتقول فى مطلعها:
(ما أعظم سيد مدينته! فهو سد حاجز للنهر ليمنع الفيضان.....)
(ما أعظم سيد مدينته! فهو تل يحمى من الزوبعة عندما تكون السماء ثائرة.......)
(وما أعظم اغتباط مصر بقوتك فقد حميت النظام القديم)........…
وكان من الملوك الذين خلد المصريون سيرتهم بعد مماتهم وتغنوا بهم مئات السنين، فقد احتفى المصريون بملك حقق الأمن والأمان وشرع القوانين التى تحفظهم، وحمى مصر من العديد من الأخطار.