
رشاد كامل
أنيس منصور وعزومة فريد الأطرش!
كان العمود اليومى الذى يكتبه الأستاذ الكبير أنيس منصور بعنوان «مواقف» فى الصفحة الأخيرة من جريدة الأهرام بمثابة سياحة سياسية وأدبية وفنية يحكى فيها «أنيس منصور» حكايات ممتعة وطريفة ومسلية، وما أكثر حكاياته مع أهل الفن ومنهم المطرب الموسيقار فريد الأطرش وهو بطل هذه الحكاية، يقول أنيس:
كان فريد الأطرش لطيفًا كريمًا وكان ساذجًا أيضًا، عندما كنت رئيسًا لتحرير مجلة «الجيل» دعانى فريد الأطرش إلى غداء فى بيته، وكان من رأى الكاتب الساخر «أحمد رجب» ألا أذهب! فقلت مستحيل إن الرجل لطيف ودعانى فكيف أرفض، وأصر أحمد رجب على رأيه!
وذهبت لبيت فريد الأطرش.. البيت كبير ومليان بأناس وبنات حلوة وتكلمنا طويلًا، وهو لا يكف عن الشكوى من الظلم الواقع عليه من الصحفيين، ولذلك فهو يأتى بالصحفيين فى أفلامه ويشتمهم، لأنه لا يجد مكانًا آخر!
وفى نهاية المأدبة الفخمة قال لى فريد الأطرش: تعرف يا أنيس بك.. الصحفيون كل يوم بييجوا يأكلوا عندى وينزلوا يشتمونى.
أعوذ بالله من عبطك يا فريد.. يعنى أن الصحفيين يجيئون ويطفحون زيك تمامًا ثم يشتموننى!! إذن «أحمد رجب كان على حق»!
وفريد الأطرش له معجبون بعشرات الملايين فى العالم العربى، أكثرهم من النساء! ولكن وجدت له عددًا من الرجال وعلى مستوى رفيع، فالرئيس السادات كان يحب فريد الأطرش، ويحب صوته ويتفرج على أفلامه، وقد دعانى إلى مشاهدة أحد أفلام فريد الأطرش فى قاعة صغيرة فى استراحة القناطر الخيرية، وكان يجلس فى الصف الذى وراءنا عشرة من سكرتارية الرئيس، وبعد دقيقتين من بداية الفيلم نظر الرئيس وراءه فلم يجد أحدًا وقال ضاحكًا: هربوا!!
أما السبب فهو أن الرئيس السادات قد شاهد هذا الفيلم عشرين مرة وعنده صبر، ولكن السكرتارية ليست مضطرة إلى ذلك، فهو يتفرج على الفيلم ويتكلم فى التليفون ويستريح وينتهى الفيلم كأنه لم يره ولذلك يعيده!
وفى مذكرات السيدة جيهان السادات «سيدة من مصر» قالت: إنه فى أحد أعياد ميلادها قال لها أنور السادات:
يا جيهان أنا معنديش فلوس أجيب لك تورتة ولا عندى فلوس لكى نذهب إلى أحد الفنادق أنا حأغنى لك! ثم غنى إحدى أغنيات فريد الأطرش!
وكانت الملكة «ناريمان» معجبة بفريد الأطرش فغنى لها أغنيته الشهيرة: «نورا.. نورا.. وناريمان لها اسم دلع هو: نورا.
ويحكى أنيس منصور عندما جاء «أهود بارك» وزير خارجية إسرائيل وقتها لأول مرة إلى مصر وكان يتباهى بأنه يعرف كم جملة عربى، ولكى يؤكد ممارسته للغة العربية راح يغنى لفريد الأطرش، غنى للوزير عمرو موسى الذى لا يحب فريد الأطرش وكانت الأغنية «نورا.. نورا»!
أما المرة التى غضب منها فريد الأطرش فعندما حدثته عن محرر فى مجلة الجيل مجنون به لدرجة أنه هدد بتطليق عروسه إذا هى سمعت أغنية واحدة لعبدالحليم حافظ، وكان فريد الأطرش يروى هذه الحكاية سعيدًا جدًا ورجانى فريد وألح فى الرجاء أن آتى له بهذا المحرر المفتون به ليقيم حفلة على شرفه!
وغضب منى عبدالحليم حافظ ولكن لما عرف الحقيقة ضحك عبدالحليم وحزن فريد وصالحته بعد ذلك بشهور! وفى اليوم المحدد ذهب المحرر إلى بيت فريد ولقى حفاوة عظيمة والتفت حوله البنات الحلوة من مصر ولبنان وارتبك هذا الصحفى الصغير وجاءت اللحظة الحرجة فقد سأله فريد عن أحب الأغنيات إليه مع وعد بأنه سيغنيها، فأخرج المحرر ورقة من جيبه كتب فيها الأغانى المفضلة عنده، وكنت قد أمليتها عليه!
كان أنيس منصور كتب فى الورقة ثلاث أغنيات ليست لفريد الأطرش، ويكمل الحكاية «وتستطيع أن تتخيل الباقى فريد الأطرش الحساس العصبى الذى أهين فى بيته إهانة بالغة، والسبب أنا، والمصيبة أن المحرر لم يسمع فريد الأطرش فى حياته، وأمام الغضب الواضح على وجه الجميع تسلل المحرر من البيت ليسأل أنيس بعدها عن الذى حدث وليجد عبدالحليم حافظ يتساقط من الضحك!!