الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
رءوف توفيق وسينما المشاعر الجميلة!

رءوف توفيق وسينما المشاعر الجميلة!

كلما جاء موعد مهرجان «كان» السينمائى أفتقد مقالات الكاتب والناقد الكبير الأستاذ «رءوف توفيق» التى كان يكتبها فى مجلة «صباح الخير» برشاقة وبساطة وعمق تقرأ مقاله العذب وكأنك شاهدت الفيلم وأنت جالس فى مكانك!



ومن حسن الحظ أن الأستاذ «رءوف» كان حريصًا على أن يضم هذه المقالات فى كتب مهمة تحفظها من الضياع والنسيان.

سينما المشاعر الجميلة، واحد من هذه الكتب المهمة التى تمتعك وتبهجك ويضم 16 مقالًا عن روائع السينما العالمية التى شاهدها وأراد أن يشاركه القراء فى نفس المتعة!

توقفت كثيرًا أمام مقدمة الكتاب وهى درس مهم لكل من يكتب للسينما أو التليفزيون، حيث يقول:

هل يمكن أن تكون الحياة العادية مادة فيلم؟! حياة ليس فيها جريمة قتل أو اغتصاب، حياة ليس فيها مخدرات أو شذوذ وعنف، حياة مثل حياتك وحياتى فيها بالتأكيد بعض المتاعب والمعاناة وفيها أيضا لحظات الصفاء والسعادة، وفيها ما هو أهم: المشاعر الإنسانية الحميمية من شوق وحنين وألم وانتظار!

مثل هذه الحياة البسيطة العادية التى يعيشها ملايين البشر فى جميع أنحاء العالم هل تصلح لأن يقدمها فيلم سينمائى؟

يبدو السؤال غريبًا بعد أن تعودنا أن تكون السينما هى الحكايات والأحداث المثيرة.. سيرك للشخصيات الشاذة والمريضة وسباق فى مهارات القتل والنصب وتخطيط الجرائم والمصائب! وصناع تلك السينما يبررون أفلامهم بأن الواقع الذى نعيشه واقع شديد العنف مزدحم بالمكائد والأخطار، وعلى هذا فلا بد أن تكون الأفلام أعلى درجة، أى أكثر عنفا وتوترا حتى يكون هناك دافع للمشاهدة!

ولكى يؤكد منطقهم يطربون مثلا بما تذيعه نشرات الأخبار فى التليفزيون، أخبار مصورة من جميع أنحاء العالم! إضرابات وصدامات «حروب ومعارك وانفجارات، حرائق واغتيالات قتلى وجرحى على كل لون»!

كل يوم بل كل ساعة هناك جرائم ونيران وضحايا!

ويشاهد التليفزيون الذى يتابع كل هذا، وهو جالس فى بيته أمام الشاشة الصغيرة يجب أن يرى شيئا مختلفا عندما يقرر الذهاب إلى السينما وبإمكانات الشاشة الكبيرة.. يجب أن تكون الفرجة تساوى ثمن التذكرة وتكلفة الانتقال! فرجة مشحونة بالإثارة.. وجبة كاملة!

وهكذا أصبحت المنافسة من يحقق رعبًا أفظع وعنفا أشرس، ومن يجعل الشاشة تطرقع بالرصاص وتسيل منها الدماء! وقادت السينما الأمريكية هذا التيار بكل فرسانها وكل معداتها.. وسيطرت بهذا المزاج الدموى على أذواق المتفرجين - ليس فقط فى أمريكا - ولكن فى جميع أنحاء العالم بحكم الانتشار والدعاية!

وأصبح لهذا التيار مقلدون ومنافسون وتلاميذ فى كل صناعات السينما بالعالم من هونج كونج إلى مصر!

ويمضى الأستاذ «رءوف توفيق» فى مقاله المهم فيرصد ما جرى بعد ذلك فى عالم السينما فيقول:

ورغم جبروت هذا التيار الكاسح فقد ظهر تيار معاكس يعيد للإنسان العادى البسيط أهميته ومكانته على الشاشة فى أفلام لا تنطلق فيها رصاصة واحدة ولا تسيل فيها الدماء ولا يتصارع داخلها رجال العصابات وإنما أفلام شديدة العذوبة تجلو الصدأ عن المشاعر الإنسانية، وتعيد الحياة للمعانى النبيلة!

فالرهان لم يكن على الرصاص والدم وإنما كان على مخاطبة الإنسان فى أى مكان فى العالم من خلال لغة المشاعر والأحاسيس والتوقف عند التفاصيل الإنسانية الصغيرة ومحاولة تأملها وإبرازها فنيا وليس هناك أصدق ولا أجمل من أن يرى المتفرج نفسه على الشاشة!»

عزيزى القارئ أدعوك لقراءة هذا الكتاب عن أفلام رائعة ربما فاتك مشاهدتها لكنك ستسعد عنما تشاهدها وأنت تقرأ مقالات أستاذى الرائع رءوف توفيق..

عزيزى الأستاذ رءوف توفيق نفتقدك إنسانا رائعا وكاتبا محترما يندر أن يتكرر فى عالم الصحافة!