الأربعاء 17 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
عبقرية فاطمة رشدى!

عبقرية فاطمة رشدى!

«العزيمة» واحد من أهم وأجمل أفلام السينما المصرية الذى قام بإخراجه العبقرى.. كمال سليم وبطولة الفنانة «فاطمة رشدى» التى لقبها النقاد «بسارة برنارد الشرق»، وكانت من رائدات المسرح المصرى لسنوات طويلة.



أصدرت فاطمة رشدى كتابًا مهمًا وممتعًا هو «كفاحى فى المسرح والسينما» (صدر عام 1971 - دار المعارف وسعره 45 قرشًا فقط لا غير).. روت فيه حكايات وكواليس حقبة فنية رائعة للمسرح المصرى.

مفاجأة الكتاب هى المقدمة التى كتبها الزجال الكبير د.سعيد عبده ألمع تلاميذ مدرسة روزاليوسف الصحفية وعرف واقترب من نجوم السياسة والأدب والفن، وفى هذه المقدمة عن فاطمة رشدى كتب يقول:

«عاصرت السيدة فاطمة رشدى» وهى تصعد فى سلم رقيها الفنى فى العشرينيات من هذا القرن - العشرين - بخطو كان يعد سريعًا بالنسبة لتلك الحقبة الخصبة فى تاريخ المسرح المصرى التى أنجبت جورج أبيض وعزيز عيد ويوسف وهبى روزاليوسف وحسين رياض وبقية ذلك الجيل العظيم من الفنانين الذى لا يزال غرسه تزدان به جنبات المسرح المصرى.

لقد شقت السيدة «فاطمة رشدى» طريقها إلى المجد الفنى وسط هؤلاء العمالقة الكبار وأثبتت وجودها بينهم على نفس المستوى الرفيع.

بيد أن صلتى الفنية بالسيدة فاطمة رشدى لم تترعرع إلا فى أواخر هذه الحقبة حين اختار المغفور له «أحمد شوقى» أمير الشعراء الأستاذ «عزيز عيد» لإخراج أولى مسرحياته الكبرى الخالدة «مصرع كليوباترا» كما اختار السيدة «فاطمة رشدى» لتمثيل هذا الدور الضخم الذى لعبته «كليوباترا» على مسرح الأحداث التى وقعت فى مصر سنة 30 قبل الميلاد كما تصورها «أمير الشعراء»، وكما اختارنى لأشهد بروفات المسرحية التى استمرت أكثر من شهر، لأقّوم المعوج من «ألسنة» الممثلين، وأصلح ما قد يقعون فيه من لحن أو أخطاء، فقد كانت هذه أول تجربة لوضع الشعر الجزل الرصين على ألسنة عدد كبير من الممثلين العظماء!

ولقد لفت نظرى وأنا أشهد هذه البروفات شيئان أساسيان، الأول هو الحماسة التى كان يبديها «عزيز عيد» لإخراج المسرحية أول: ما أُخرجت على مسرح الأوبرا فى أفخم إطار مستطاع ولعله كان فى هذه الحماسة يحاول أن يتوج جهاده الفنى بهذا العمل العبقرى الجبار وقد فعل!

والثانى : هو الإخلاص الذى كانت تبديه فاطمة رشدى لتفيد من توجيهات عزيز عيد أكبر فائدة ممكنة، فكانت خير تلميذة لخير أستاذ!

لقد كانت ذكية تلتقط هذه التوجهات بأسرع مما يلتقطها أى ممثل آخر رغم أن دورها كان أكبر الأدوار!

ثم كانت لها ذاكرة قوية لا تلبث أن تحفظ الشعر مرة حتى تلقيه دون حاجة إلى ملقن، ثم لا تلبث أن تلقى هذا الشعر بالإيقاع الذى أداره «عزيز» حتى تبقى فى حدود هذا الإيقاع لا تتخطاه، وكانت على ثقافتها المحدودة تدرك ما وراء كل بيت من الشعر تلقيه وتناقش «عزيزًا» فى أهدافه ومعانيه!

ويمضى د.سعيد عبده فيقول فى مقدمته الرائعة:

«وفوق ذلك فقد كان للسيدة فاطمة جمال من نوع براق خاص، ساعدها على أن تبدو تحت تاج كليوباترا أقرب ما تكون إلى سمت الملكات!

لقد كان أكثر الناس يخشون على «فاطمة» من تمثيل دور ملكة، ودور «كيلوباترا» بالأخص من بين الملكات ولكن مع هذه المزايا ومع توجهات «عزيز عيد» أتقنت فاطمة دورها، وظهرت فى الجلال الذى أراد لها «عزيز» أن تظهر فيه!

إن حياة فاطمة رشدى الفنية عامرة بالأحداث والمفاخر والمحن والمغامرات، وذكرياتها تسجل كثيرًا من وقائع المسرح المصرى فى أخصب عشرين سنة مرت عليه فى تاريخه القصير».

وأظن - بعد مقدمة د.سعيد عبده - فإن تفاصيل هذه الذكريات تستحق مقالًا آخر!