الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الراديو شاهد  على العصر!

الراديو شاهد على العصر!

أنا من جيل تربى على الإذاعة المصرية بكل ما تقدمه من برامج ومسلسلات ولقاءات مع المشاهير، وأعترف أن سماعى لهؤلاء المشاهير من نجوم الصحافة والأدب والفكر كان أحد الأسباب المباشرة لحبى وعشقى لكتاباتهم!



ولا يوجد كاتب أو أديب أو صحفى إلا وكان ضيفا مهما فى برامج الإذاعة، وكان الاستماع لهذا الضيف متعة عقلية وفكرية لا حدود لها، كنت أستمع للحلقة وكأنى قرأت كتابا لهذا النجم أو الكاتب.

من هذه البرامج التى شدتنى وأبهرتنى لسنوات وسنوات برنامج «شاهد على العصر» الذى كان يقدمه الأستاذ «عمر بطيشة» وهو أيضا شاعر ومؤلف لعدد من الأغانى الجميلة وخاصة ما غنته الراحلة فايزة أحمد.

أما مناسبة هذا المقال عنه فهو عثورى على بعض حلقات البرنامج مطبوعة ومنشورة فى كتاب بنفس الاسم  صدر عام 1984 «سلسلة كتاب اليوم» وثمنه خمسون قرشا!!

ضم الكتاب حوارات الأستاذ «عمر بطيشة» مع 13 من نجوم  مصر فى الأدب والصحافة والعلم وهم: د. زكى نجيب محمود، مصطفى أمين، د. يوسف إدريس، نجيب محفوظ، أحمد بهاء الدين، د. مصطفى محمود، أنيس منصور، ويحيى  الرخاوى، فضيلة الشيخ أحمد فوزى، د. حسين مؤنس.

ولم يحدث أبدا أن استمعت فى هذه الحلقات إلى أسئلة سخيفة ساذجة، وضحكات عمال على بطال، أو حشر أغنية أثناء الحوار، أما الأهم فإن المذيع عمر بطيشة فلا يرفع الكلفة مع ضيوفه ويناديهم بأسمائهم المجردة كما يحدث هذه الأيام.

وهو حريص على أن تكون مقدمته التى يقدم بها ضيفه متزنة وعاقلة فهو يقدم د. زكى نجيب محمود بقوله: عبور الحدود إلى عالم هذا الرجل أشبه بتسلق قمم الجبال: جهد وعرق ومشقة، ويقول عن أحمد بهاء الدين: يتمتع برؤية واضحة للعصر بكل ما فيه من تيارات وقضايا وأحداث لا يخشى التصدى بالرأى والفكر لأى قضية، ويقول عن نجيب محفوظ: أنه حينما يمسك بالقلم فإنه يكون فى أحسن حالاته كالفارس المحنك حينما يمتطى صهوة جواده فيجول ويصول، أما حينما تنزع منه قلمه وتضطره إلى الحديث الشفوى فكأنك سلبته سلاحه وجواده معا، ولذلك سندعوه إلى الكتابة الصوتية أو الكتابة بصوت مسموع. مفاجأة كتاب الأستاذ «عمر بطيشة» هى المقدمة الرائعة التى كتبها الإذاعى الكبير الأستاذ «فهمى عمر» وكان أيامها يشغل منصب رئيس الإذاعة، والمقدمة بعنوان «هذا البرنامج وهذا الكتاب» وكتب فيها يقول:

لا شك أنها شهادة طيبة للإذاعة المصرية أن تحرص مؤسسة أخبار اليوم على تحويل البرنامج الإذاعى «شاهد على العصر» إلى كتاب وهى أول تجربة من نوعها فى مصر، وفى هذا دليل على أن الإذاعة تكسب كل يوم أرضا جديدة تثبت أعلامها عليها وسط ثورة الاتصال.

ومن هنا فإننى أحيى مبادرة الصديق أمين عدلى خبير النشر المعروف لتبنى هذه التجربة باقتناع شخصى بدأ منه كمستمع وتلبية لمطلب آلاف الرسائل والبرقيات التى وصلت للإذاعة ودور الصحف تطالب بإعادة حلقات البرنامج وتطالب بنشرها فى كتاب.

كما أننى أؤكد أن تحول «شاهد على العصر» إلى كتاب إنما هو شهادة لمعد البرنامج ومقدمه «عمر بطيشة» بأنه محاور كفء استطاع بدأب وصبر وذكاء أن يتعرف على مفاتيح كنوز عقول شهود العصر ويستخرج منها ما أتحفنا به من درر الفكر والعلم والفن، و«عمر» هو أحد أبنائى الذين تعهدتهم بالتدريب والتنمية والمتابعة منذ التحاقه بالعمل الإذاعى فى بداية الستينيات ويسعدنى أنه كان نعم التلميذ.

كما أننى أسعد كثيرًا بهذا الكتاب من أجل شباب مصر القارئ المتعطش للمعرفة، والذى يجب أن تتكامل كل أجهزة الإعلام والثقافة من أجل وصول كل كتاب إلى يديه بثمن لا نغلو فيه وفى هذا امتداد للرسالة الأصيلة للإذاعة فى تنمية الإنسان المصرى الذى نرجو من الله عز وجل أن يجعل كل عصوره نورًا وخيرًا بإذن الله.