الإثنين 29 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
أغلفة الكتب والبشر

أغلفة الكتب والبشر

تدور هذه الأيام معركة إلكترونية حامية الوطيس على شبكات التواصل الاجتماعى بخصوص عدد جديد من تصاميم أغلفة كتب الأديب العالمى نجيب محفوظ والتى تحولت إلى تريند مهول خلال أيام قليلة، تحتوى المعركة على الكثير من النقد والاستهجان لتلك التصميمات مع مقارنتها بالتصميم الأول لغلاف الرواية فى طبعتها الأولى قبل 40 أو 50 عامًا أو حتى مقارنتها بالتصميمات التالية لذلك والتى تمت فى بدايات الألفية من خلال دار نشر أخرى.



والحقيقة أن أغلفة الكتب قد بدأت كأسلوب فنى بسيط لجذب القارئ وربما لإعطائه صورة عامة عن الرواية بدون الدخول فى تفاصيلها وربما أيضًا كان الأمر يتعدى الغلاف ليصل إلى تواجد لوحة فنية بنهاية أو بداية كل فصل من فصول الرواية وبغض النظر عن فكرة مزج الفنون التشكيلية بالأدب وهى التى يراها البعض عاملًا مساعدًا أو مسليًا إلا أن البعض الآخر لم يكن يعيرها أى اهتمام على الإطلاق فالتركيز يكون على المتعة التى يحصل عليها القارئ من تذوق إبداع الكاتب ولذلك نجد أن فى بدايات القرن الماضى ربما لم تكن أغلفة الكتب تحتوى على أكثر من عنوان الرواية أو الكتاب مع اسم الكاتب ودار النشر فقط ثم تطور الأمر بوضع صورة صغيرة وصولًا إلى لوحة تشغل الغلاف بالكامل فيما استمر بعض الأدباء مثل عباس محمود العقاد والدكتور مصطفى محمود فى تكرار نفس تصميم الغلاف الذى يحمل صورة لهما مع تغيير لونها وعنوان الكتاب أيضًا.

ولكن مع تطور فنون الجرافيك الرقمية وسهولة عمل تصميمات متعددة براقة الألوان باستخدام الحاسب الآلى وبعض برامج الوسائط المتعددة Multi-Media تحول الأمر إلى منافسة كبيرة وتحول الغلاف إلى عنصر جذب كبير للقراء وأصبح يؤثر على المبيعات بدرجة مهولة بغض النظر عن اسم الكاتب أو موضوع الكتاب أو جودة المحتوى وهى أشكالية لم تدفعنا إلى العودة إلى التركيز على المحتوى بل لم تمنعنا الكثير من المقالب التجارية من الاستمرار فى الإعجاب بالأغلفة واستمرار مساهمتها الكبيرة فى قرار الشراء والقراءة.

حسنًا فعلينا أن نعترف أن هذا العصر بالفعل هو عصر مختلف عن العصر السابق فالصورة لها تأثير وقوة فعل أكثر بكثير مما سبق وهذا يفسر الضجة الحادثة حاليًا بخصوص أغلفة الكتب ولكن وبالرغم من التأثيرات السلبية للزيف والانطباعات الكاذبة التى تسببها أغلفة الكتب إلا أن هذا يمكن اعتباره جزءًا من سياق عام نتعرض فيه للكثير من الأزمات بسبب ما يضعه البشر على أشكالهم وعلى قلوبهم من أغلفة براقة والأمثلة كثيرة.