السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
«روزاليوسف» لسعد الدين وهبة: أنت جاى المجلة ببوكس البوليس!

«روزاليوسف» لسعد الدين وهبة: أنت جاى المجلة ببوكس البوليس!

كان العمل والكتابة فى مجلة «روزاليوسف» إحدى المحطات المهمة فى حياة كاتبنا الكبير الأستاذ سعد الدين وهبة.. وله فيها حكايات وذكريات لا تنسى خاصة أنه كان يذهب للمجلة راكبًا بوكس وزارة الداخلية حيث كان  لا يزال ضابطًا ولم يقدم استقالته بعد!



ويتذكر «سعد وهبة» قائلًا: كان ذلك فى أوائل سنة 1955 كنت قد نقلت من الإسكندرية إلى القاهرة ضابطًا بمصلحة الجوازات والتى تقبع مكانها منذ ذلك الحين فى مبنى المجمع، وأتردد فى الصباح وفى المغرب على محل إيزافيتش بميدان التحرير أتناول سندوتشًا من الفول وآخر من الطعمية إذ كانت الميزانية لا تتحمل أكثر من هذا.

كنت قد بدأت العمل بالصحافة واستطعت أن أصل إلى «روزاليوسف» وأن أحرر بها باب الحوادث، وكانت «الست» كريمة معى غاية الكرم إذ كان مرتبى عشرين جنيها وهو مرتب كبير فى عرف صحافة تلك الأيام، وكنت ضيفًا بباب الحوادث ولكن محاولة الاستفادة من عملى كضابط بوليس كانت تذهب دائمًا إلى هذا الاتجاه!

وكنت أقنع نفسى فى النهاية أن العمل بالصحافة حتى فى باب الحوادث يهيئ لى أن أعيش هذا المناخ الذى أعشقه وأريده وهكذا سعدت بالعمل فى «روزاليوسف» وسعدت أكثر بمن كنت أقابلهم فى «روزاليوسف» عندما أذهب مرة كل أسبوع.

كنت قد أصدرت مجلة «البوليس» التى كان يملكها نادى ضباط البوليس وكان رئيس تحريرها الشرفى «أحمد الوتيدى» سكرتير عام النادى وكنت سكرتيرًا للتحرير ومسئولًا عن إدارة المجلة وعن تحريرها، وكانت مديرية أمن القاهرة قد منحتنى سيارة بأرقام مدنية لاستخدامها فى تنقلاتى وإن كان سائقها يرتدى الزى الرسمى، كان رجلًا ضخم الجثة حاد الصوت.

وكنت أخشى أن أذهب بهذا السائق إلى «روزاليوسف» وعندما فكرت فى ذلك لأول مرة طلبت من «أحمد الوتيدى» أن يأمر لى بسيارة توصلنى لـ«روزاليوسف» لأقدم الباب الأسبوعى مدعيًا أن سيارتى عطلانة! وأعطانى، التوتيدى.. بوكس وذهبت به إلى «روزاليوسف» وتركته أمام الباب فى المبنى القديم بشارع محمد باشا سعيد، وصعدت إلى سكرتارية التحرير، كانت فى حجرة بها مكتب الأستاذ «محمود أمين العالم» والمكتب الآخر للأستاذ «عبدالغنى أبوالعينين» وسلمت الباب للأستاذ «العالم» وجلست أشرب معه القهوة!

وشعرنا أن هناك شيئًا يحدث فى الدار فقد لاحظنا أن محررين وسعاة يذهبون ويروحون ويندفعون إلى مكتب الست «السيدة روزاليوسف» ويعودون، وخرج أبوالعينين يستطلع الأمر وعاد كاسف الوجه قائلا بصوت منخفض: بيقولوا الأستاذ إحسان حيعتقلوه!

وسألنا: ليه.. ماذا كتب؟! وأخذ العالم وأخذنا نستعرض ما كتب إحسان فى الأسابيع الأخيرة ولم يكن فيما كتب إحسان ما يستوجب الاعتقال! وخرجت و«العالم» و«أبوالعينين» ولاحظنا أن حديثًا يجرى عن البوليس الذى ينتظر عند باب الجريدة، وسمعت أحد السعاة يقول للست: إنه ليس هناك غير البوكس ولا يوجد أحد من العساكر: وسألت الست: بوكس إيه هنا؟! وتقدمت لأقول: إنه معى وأنا الذى أحضرته وصرخت الست: أنت جاى بالبوكس ليه؟

ويمضى الأستاذ «سعد وهبة» قائلا: وعرض القصة من أولها كان إحسان يسكن فى شقة فى شارع قصر العينى مواجهة لشارع محمد سعيد حيث «روزاليوسف»، وكان يذهب للمجلة صباح كل يوم سائرًا على قدميه، وفى هذا اليوم وعندما اقترب من مبنى المجلة وشاهد البوكس فعاد إلى البيت واتصل بوالدته يسألها ماذا يفعل البوليس فى المجلة؟! وفعلا تصور إحسان أن البوكس جاء للقبض عليه! إذ كان قد غادر المعتقل قبل أشهر قليلة، ومازال يعيش فى كابوسه!

ولدى سماع والدته بأمر البوليس أرسلت من يستطلع الأمر واكتشفت المسألة، وزاد عليها كل من سمعها تفصيلة صغيرة حتى صارت اعتقالا لإحسان لولا إنه لم يجدوا عساكر قد حضروا لاعتقاله. وفعلا نبهت علىَّ «السيدة روزاليوسف» ألا أذهب للمجلة مرة أخرى بسيارة بوكس وحدث».

انتهت الحكاية الطريفة وكما رواها الأستاذ سعد وهبة فى كتابه «من مفكرة سعد الدين وهبة» الجزء الثانى