السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
 تعيش يا ضحكة مصر

تعيش يا ضحكة مصر

بمجرد علم الجهات الرسمية فى الدولة ممثلة فى وزارة الصحة الأسبوع الماضى بمعاناة المخرج العملاق «على عبدالخالق» الصحية تحركت لمتابعة حالته لحظة بلحظة والوقوف معه لتجاوز محنة المرض وحتى يمن عليه الله بالشفاء الكامل باعتباره قيمة وقامة سينمائية عظيمة.



هكذا عودتنا القيادة المصرية والجمهورية الجديدة التى لا تبخل على قوتها الناعمة باعتبارهم من قيادات بناء الوعى وأبناء مصر المبدعين، والمخرج الكبير على عبدالخالق من علامات السينما المصرية وأحد أهم قادتها ويكفى انه خالف كل مخرجي عصره وبدأ مشواره السينمائى بفيلم حربى وطنى تاريخى وهو «أغنية على الممر» الذى كتب به شهادة ميلاده السينمائى ويفخر المخرج الكبير بأن صحف الكيان الصهيونى قالت إن على عبدالخالق اكثر المخرجين كراهية لإسرائيل بعد إخراجه 5 أفلام ترسم ملامح الصراع المصرى الإسرائيلى فى مقدمتها» أغنية على الممر» و«إعدام ميت» و«بئر الخيانة» إلى جانب «الكافير» و«يوم الكرامة» وهو الوثيقة الأهم لبطولة الجيش المصرى فى نصر أكتوبر.

بخلاف الملف السينمائى الوطنى فإن عبد الخالق صاحب كتالوج سينمائى فاخر ضم حوالى 40 فيلما سينمائيا يتصدرها ايضا خماسية أفلام « العار»، «الكيف»، «جرى الوحوش»، «البيضة والحجر» و»عتبة الستات» ومعها ثلاثيته الشهيرة مع الراحل أحمد زكى وهى «شادر السمك» و«4 فى مهمة رسمية» و«البيضة والحجر» وهى الأفلام التى تبنت قضايا مهمة فى المجتمع.

المخرج العملاق كان ضمن كتيبة سينمائية أو مجلس قيادة أحدثت ثورة فى الفن السابع عندما دعت إلى التماسك وصياغة موقف فى محاولة جديدة للخروج من الغيبوبة والعبث والانسحاب والإمساك بخيوط الأمل للوطن ولأنفسهم وكانت السينما بالنسبة له ملاذ الهروب من الواقع والدخول لبوابة الحلم والرغبة فى جعل الدراما السينمائية المصرية من أهم المراجع التى يعود إليها المشاهدون.

من هنا بدأت تتشكل ملامح حركة سينمائية وأطلق عليها اسم «حركة السينما الجديدة» من ابناء السينما فى الأساس من خريجين من معهد السينما تشكلت من أولى دفعاته من عام 1963 وحتى 1968 من مخرجين ومصورين وممثلين ومهندسى الصوت والديكور وفنانى المونتاج.. هؤلاء اعتبروا أن السينما هى الفرصة والأداة الوحيدة للتفكير فى مصالح الوطن العليا بدلا من الثرثرة والفراغ بعد الهزيمة.

تشكلت جماعة السينما الجديدة من على عبد الخالق وداود عبد السيد ورأفت الميهى ومحمد راضى وأحمد متولى ونبيهه لطفى وسامى المعداوى وهاشم النحاس وخيرى بشارة ومحمد كامل القليوبى ويسرى نصر الله. وسعيد شيمى وأشرف فهمى، وشهدت السينما بعد انطلاقها فى الفترة من عام 68 إلى حرب أكتوبر 73 انشاء عدد من المؤسسات. 

[ هكذا بدأت سينما 68 بأول حركة سينمائية فى مصر على اطلال النكسة وانتهت مع حرب أكتوبر المجيد ، لكن أعلام تلك الحركة هم أنفسهم الذين قدموا أهم أفلام السبعينيات وابرز الانجازات السينمائية فى هذه الفترة وهم الذين صنعوا حركة الواقعية الجديدة فى السينما المصرية وساهم فيها على بدرخان ومحمد خان وعاطف الطيب ايضا وهؤلاء ثمرة حركة 68، وبالتالى نجحت الحركة فى كسر جمود السينما التجارية والموضوعات النمطية المستهلكة وتقديم أسماء جديدة لم يكونوا نجوم شباك مثل محمود مرسى ومحمود ياسين وصلاح السعدنى وكانوا فى بداياتهم الفنية، وكما حدث فى البدء بالعمل المشترك وابتكار اساليب تسويق بالجهود الذاتية.

[ إن ثورة التصحيح التى قادها الرئيس الراحل السادات بعد رحيل جمال عبدالناصر بدأت تتضح مع نهاية عام 1971 وتوقف القطاع العام فى السينما عن الإنتاج تماما، ومع ذلك تمكنت جماعة السينما الجديدة من انجاز أول أفلامها مع بداية عام1972 وهو «أغنية على الممر» المأخوذ من مسرحية من فصل واحد للكاتب على سالم والذى يعبر عن رفض هزيمة 67 والإصرار على المقاومة من خلال كتيبة محاصرة فى سيناء تدافع عن موقعها تضم خمسة جنود،  لم تصلهم أوامر الانسحاب، مع تعطل جهاز الاتصال مع القيادة فكان عليهم الصمود، برغم تناقص الذخيرة والطعام والماء، وتحت قصف دبابات وطائرات العدو، يتمسك الجنود بمكانهم.. يواجهون مصيرهم بشجاعة حتى آخر جندى فيهم وينجح الفيلم فى الكشف عن الأسباب الاجتماعية والسياسية للهزيمة من خلال نماذج حقيقية من المجتمع ما بين النماذج الملائكية التى جسدها نموذج الفلاح الشاويش محمد «محمود مرسى» الذى تلقى استدعاء الجيش بينما يزرع فى الأرض وهو من أكثر النماذج رسوخا وكمالا ونماذج انتهازية مثلها شخصية «منير «صلاح قابيل الذى يتحدث عن والدته سيدة الأعمال بينما تعمل خياطة «وشوقى «محمود ياسين» الفاشل من وجهة نظر من حوله وينجح فى انتصاره الوحيد بتعطيل دبابتين للعدو «ومسعد» صلاح السعدنى «البسيط والمرح» وحمدى «أحمد مرعى «المطرب المغمور الذى يحاول تقديم الحانه فى الإذاعة المصرية».وكان الفيلم الذى تصدى للهزيمة بصدق ووضوح وشفافية، ويمثل فى الوقت نفسه نقطة انطلاقة للسينما الجديدة.. واجتمع النقاد على وصفه بأنه عمل جاد وصادق ومشاركة فنية فى حب الوطن والذى رسمه أغنية الفيلم الخالدة والرائعة التى أبدعها الراحل العظيم عبد الرحمن الأبنودى التى تحولت الى ايقونة وتقول كلماتها:

أبكى.. أنزف.. أموت

وتعيشى يا ضحكة مصر

وتعيش يا نيل يا طيب

وتعيش يا نسيم العصر

■ ■

هذه الأغنية الخالدة التى أبدعها العملاق على عبدالخالق فى فيلمه «أغنية على الممر» وتحولت الى أيقونة النصر لمصر فى كل العهود.. سلامات يا ضحكة مصر أستاذنا الكبير على عبدالخالق.