الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
نقد التليفزيون من ستين سنة!

نقد التليفزيون من ستين سنة!

ربما لا يعرف الكثيرون أن الكاتب الصحفى الكبير الأستاذ على أمين رأس تحرير مجلة «الهلال» الشهرية التى تصدر عن دار الهلال فى عام 1961.



وشهدت الهلال فى زمنه ثورة صحفية يندر أن تتكرر فقد نجح فى استكتاب نجوم الصحافة شهريا فى المجلة من د.طه حسين وعباس محمود العقاد الى محمد حسنين هيكل وأحمد بهاء الدين وأنيس منصور ومصطفى أمين وغيرهم.

ومن أهم الأبواب الصحفية التى ابتكرها فى ذلك الوقت باب يهتم بما يقدمه التليفزيون والذى كان قد بدأ إرساله بالفعل فى 21 يوليو سنة 1960 وكان يقدمه «د.نظمى لوقا» صاحب كتب مهمة ورائعة ومنها: أنا والاسلام والله والإنسان والقيمة ومحمد الرسالة والرسول وغيرها من الدراسات الفلسفية والفكرية.

وفى عدد مارس سنة 1962 يكتب مقالا عن «نقد التليفزيون» ملاحظات مهمة يقول: الإدارة والإمكانات فى التليفزيون العربى تثير الدهشة والإعجاب فهو تخطو بخطوات جبارة تدل على أن المسئولين لا يدخرون وسعا فى النهوض بهذا المرفق المهم نهوضا مذهلا، وبأسرع مما يمكن أن يتصور الناس، أن إمكانات التليفزيون العربى تكاد تسبق آمالنا فيه.

وهذا التقدم الهائل جميل جدا ولكنه فى الوقت نفسه يلقى على الفنيين فى التليفزيون مسئولية خطيرة جدا تزداد ثقلا كلما ازداد المسئولون بالمرفق تقدما ومدوا ساعات الإرسال ونوعوا البرامج.

إن التقدم فى الكمية هو واجب المسئولين الكبار أما التقدم بنوع المادة المذاعة فهو مسئولية الفنيين جميعا من مخرجين ومؤلفين وممثلين ومنسقى برامج.

ومشكلة التأليف تحتاج الى عناية فلأمر ما يحجم كبار المؤلفين عن الكتابة للتليفزيون، وقد سمعت أن السبب هو محنة الأجور!! وهى فى الحقيقة محنة عامة فى جميع المرافق المماثلة فهناك خلط مضحك فى تقدير الأجور، بحيث يأخذ بعض «الصبيان» أجورا يتقاضاها كبار الاساتذة ويتقاضى بعض كبار الاساتذة أجورًا كأجور صغار الصبيان!

ويكمل» د.نظمى لوقا» قائلا: ولكننى فى هذه الحالة أحبذ أن يقوم المؤلفون بالكتابة مجانا وأن يضربوا عن تقاضى الأجور المجحفة فإذا كان من المخجل أن يتقاضى كاتب محترم أجرا مهنيا فمن المخجل له أكثر وأكثر أن يمتنع عن الخدمة العامة ويحرم الناس من ثمرات فنه، فالخدمة العامة واجب، وواجب الأديب والفنان كواجب القتال على الجندى وكما أنه ليس من حق الجندى أن يلقى سلاحه لأن راتبه لا يعجبه، كذلك ليس من حق المؤلف أن يمتنع عن أداء واجبه الفنى لأن تقدير بعض الناس يجرح شعوره.

وإذا كان من يملك التقدير المادى مخطئا فهذا لا يبرر أن يباريه الفنان فى الخطأ، لأن المصلحة العامة هى التى ستضار بهذه المسابقة العجيبة فى إهدار القيم وتجاهل الحقائق.

وتمثيلية «وفاء» نموذج آخر للنقض الفاضح فى التأليف ومن أجل هذا النقض لا أستطيع أن أوجه لومًا الى المخرج، لأن المسكين لم تكن أمامه الفرصة لكى يصنع شيئا، فعامة القصة لا تسمح بأكثر من الاستمرار فى «كلفته» اللقطات، وماذا يمكن أن يصنع أى مخرج بحوار غير طبيعى ومواقف غير طبيعية وقصة من نوع «كان فيه واحدة ست عندها 12 بنت».

إنه تلفيق غير مضحك.. إلا ضحك.. الغيط.. حتى لا تشتط يد المتفرج وهو يغلق التليفزيون فيكسر المفتاح!

إن عمر هذا النقد 60 سنة بالضبط وكأنه مكتوب الآن.