أطفالكم أحباب الله.. أحبوهم
لماذا لا تجلس مع طفلك وتحاوره؟! لم التعلل دومًا بضيق الوقت وكثرة المشاغل؟ طفلك لن يفهم من تهربك منه سوى أنه ليس مهمًا عندك، وأنك لا تحبه ولا تريد قضاء بعض الوقت معه لترضيه وتقترب منه ومن عالمه وتشاركه اللعب، وترد على أسئلته التى ترضى فضوله تجاه العالم الذى لا يستوعبه إلا من خلال ردودك المقنعة عليه.
والطفل بطبيعته قليل الصبر ضعيف الاحتمال يضيق صدره بالرفض من جانب والديه؛ لأنهما دنياه يحبهما حبًا جمًا، وينتظر فى المقابل أن يطوقانه بالحب المضاعف الذى يفوق كل شيء؛ لهذا غير مقبول أن تكون أقل صبرًا واحتمالًا من طفلك، بل ينبغى أن يلقى معاملة أبسط ما توصف به أنها تنطوى على طول بال وسعة صدر، وفهم عميق لتركيبة الطفل النفسية والعقلية..
فلا تمل من طفلك إذا ما ألح عليك فى سؤال، وكرر عليه الرد، بل واسع أنت إلى فتح باب الحوار والنقاش لتستنطقه وتخرج من رأسه ما يدور بخلده وما يدهشه فى محيطه؛ حتى يكون هذا سبيلًا سهلًا للتعرف على طفلك أكثر وتدرس طبائعه، وتضع يدك على اهتماماته التى تجعلك تكتشف عالمه الخيالى والواقعى فى آن.
الطفل كثيرًا ما يحتاج إلى النصح من والديه أو أحدهما فلا تبخل عليه بنصحك وخبرتك الحياتية، ولا تمل من تكرار النصيحة والإرشادات مرارًا وتكرارًا دون ملل حتى تطمئن إلى استيعاب كلامك فعقليته الوليدة محدودة فى التلقى والتذكر والفهم، فلم تنضج بعد لتحميلها فوق طاقتها، ولا يفوتك مراعاة ذلك عند مخاطبته فلا تلجأ إلى مفردات صعبة لا تتناسب مع قاموسه اللغوى المحدود؛ بل احرص على استخدام لغة سهلة بسيطة تعينه على فهم مقصدك ولا تربك ذهنه وترهقه فى محاولة فهم ما تريد نصحه به وتوجيهه إلى الفعل الصائب، ولتكن فى نصحك معتمدًا على جمل مقتضبة تلغرافية دون إطالة ليسهل حفظها دون تشتيت؛ ولا غضاضة من أن تجد نفسك فى حاجة إلى تكرارها عند اقترافه الخطأ نفسه المنهى عنه فى كلامك معه المفسر لطبيعة الخطأ السلوكى والأخلاقى لتنفره منه حتى تعفه نفسه البريئة؛ دون تعنيف أو قسوة؛ فالخطأ أمر حتمى فى عمره الصغير يلازمه فى مراحل نموه وتعليمه؛ فكن له قدوة فى التسامح والصفح.
الطفل يحتاج فى تعاملك معه إلى كل مظاهر الحب بدءًا من النداء بحبيبى.. حبيبتى -بحسبه ذكرًا أو أنثى- أو تلاوين من كلمات التدليل، فلهذا وقع عميق الأثر فى إحساسه بحبك وحنانك، وكذا عندما تربت عليه أثناء حديثك معه، وأن تكثر من احتضانه لتشعره بالطمأنينة والأمان فى كنفك.
احرص على جعل مستوى نظرك يتناسب مع مستوى نظره تقربًا إليه واحتواءً لنظراته وحنوًا عليه.
إذا كنت تعتقد أنك لديك الحق فى التحكم فى طفلك لمجرد كونك الأب/الأم، فأنت بحاجة إلى أن نذكرك أن أطفالك أحباب الله، فهم ليسوا ملكية خاصة بك؛ بل أمانة وضعها الله فى عنقك، فلا تنس قوله سبحانه (وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ).. يعنى نحن بالأصل خلقنا الله ومردنا له، وكونك أنجبت هذا الطفل، لا يعطيك الحق أبدًا ونهائيًا فى أن تؤذيه!
وعلماء النفس يتوجهون إلى الآباء والأمهات بحزمة من الموانع فى تربية الأطفال لا يجب أن تصدر تجاههم بأى حال من الأحوال فإن كنت تعتقد أن الصراخ والضرب يعدل سلوك أبنائك، فأنت واهم تتسم بالحماقة والعنف، أو جاهل بما ينهى عنه الدين والقانون والعرف، كلهم ضد الضرب والصراخ واستخدام العنف، فأخلاقيا = الصراخ أذى وعلامة ضعف الحجة ورداءة الأسلوب التربوى، والدين = لم يضرب النبى عليه الصلاة والسلام طفلًا قط، ولا حتى صرخ على طفل.. ولنا فى أخلاق نبينا الأسوة الحسنة فى الأخلاق والتربية.
أما القانون: فنجد أن الصراخ فى وجه الطفل يعد منافيًا لحقوق الطفل فى المجتمعات التى نظمت له حقوقه الإنسانية لتحميه من «الإساءة» و»الأذى»، فتقوم الجهات المعنية بتسليمه لعائلة مختارة بعناية تضمن له قواعد التربية والرعاية الصحيحة وتغمره بالعطف والحنان اللذين حرم منهما فى ظل والدين لايقدران نعمة الله عليهما بالذرية.
فأنت حين تزرع «الخوف» فى قلب طفلك تنزع معه «الاحترام»، فالخوف والاحترام لا يجتمعان، بل الحب أيضًا يذهب أدراج الرياح؛ فكيف سيحبك وأنت حينما تقسو عليه فكأنك تقول له: أنت عديم القيمة لدىَّ، أنا لا أحبك، أنا أب/أم غاضب شرير، أنت طفل غبى، أنت مصدر إزعاج لى، أنت غير مرحب بوجودك..إلخ.
أحبوا أطفالكم كما أحبهم المولى سبحانه، فأنتم قد حظوتم بنعمة حرم منها كثير من الآباء والأمهات، فكونوا أمناء عليهم فأحسنوا معاملتهم وتربيتهم حتى لاتندموا على التفريط فى حقوقهم فتفقدون عاطفتهم وحنانهم عليكم بمرور الزمن، وعند الكبر لن تجدوهم سندًا لكم، ولن تجدوا من يدعو لكم إلا لو نجحتم فى بناء أبناء صالحين أصحاء نفسيًا وعصبيًا يتمتعون بمكارم الأخلاق، فيكونون بارين بكم ابتغاء مرضاة الله!
* رئيس قسم الإنتاج الإبداعى الأسبق بأكاديمية الفنون وعضو اتحاد كتاب مصر