الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
 الجمال إبداع مباح

الجمال إبداع مباح

نلاحظ بعض أساتذة الجامعة الذين يدرسون الأدب العربى أنهم نصبوا أنفسهم أوصياء على هذا الأدب، فاحتكروه دون غيرهم وليس لغيرهم المرور به أبدًا والذى يعد ملكيةً عامةً لنا جميعًا، فالأدب وعلومه ليسوا حكرًا على أحد بعينه أو بحكم عمله فالأدب بحر ينهل منه الجميع وللأسف البعض يظنون أن ما درسوه ملكية لهم وميراثًا لا يجوز لغيرهم.



كم وصف الجاحظ شعراء العامية أنهم عديمى اﻷهلية ﻻ يمكن أن يجئ من أحد يعرف الفصحى وظلها الذى لا يفارقها فى الظلام أو النور، هذا اﻹنكار جهل بمجمل اﻵداب والفنون.. 

فى مقولته:

والمعانى مطروحة فى الطريق، يعرفها العجمى والعربى، البدوى والقروى، وإنما الشأن فى إقامة الوزن وتخيّر اللفظ.

الشعر والأدب لكل ذى موهبة وليس حكرًا على الأكاديميين أو غيرهم، والشاعر موهبته ودراسته العملية ومفهومه وتجربته ليسوا محل نقاش. دام الإبداع والعطاء والتألق.

يعتبر الشعر العامى أقرب إلى نفس المتلقى وروحه من الشعر الفصيح فى كثير من البلدان خصوصًا فى مصر والعراق وتونس إلى حد كبير، لكننا نرى كل الذين يهاجمون شعر العامية والشعر الحر والنثر وهُم قلة لن يضيفوا شيئًا، بل كلها جُمل محفوظة يتم ترديدها من حين لآخر، ولم نر أحدًا من هؤلاء موضوعيًا فى كلامه ولا مُبدعًا فى نقده، كل ما نشاهده هو الهجوم فقط ولا جديد عندهم، لذلك يجب على الناقد أن يُمتع القارئ بنقده مثل المبدع تمامًا ليكون هناك شىء من التكامل.

شعراء العامية ذوى ثقافة راسخة ومعرفة عميقة بتراث الشعر العربى وحاضره، فالشعر الجاهلى كان شعرًا عاميًا بلغة عصره ويعتبر الشعر الفصحى أو العامى وجهان لعملة واحدة ربما يكتب الفصحى نظمًا وليس بشاعر، لكن العبرة فى مغزى ووصول الكلمة لعقل وقلب المتلقى هذا هو الفيصل والسعى للمعرفة حبًا وليس إجبارًا هو الأفضل.

قد يكون تعميم الأستاذ الأكاديمى بوصف شعراء العامية بأنهم عديمو الأهلية بعيدًا عن الصواب، فعدم الأهلية قد تنطبق أيضًا على كثير من شعراء الفصحى وقد ينطبق أيضًا على بعض الأكاديميين إذا تحدثوا فى موضوعات ثقافية عامة خارج حدود محاضراتهم فى مناهجهم، وفى الأحوال كلها تكون الأحكام العامة واقعة فى الخطأ، من بعد ذلك لو عرف الأستاذ الأكاديمى حق المعرفة لتغير رأيه كثيرًا وأدرك أن من الشعراء من هم لديهم العلم والثقافة والدقة البحثية.