أ.د. رضا عوض
من ذاكرة التاريخ.. الجيش المصرى عبر العصور(٤)
فى أواخر عهد الأسرة السادسة انهارت الدولة، وتفكك سلطان الملك بقيام الإمارات المستقلة وبوجه عام ساءت الأحوال فى جميع البلاد، وانتهز الآسيويون هذه الفرصة، وغزوا البلاد وخربوا الدلتا تخريبًا ذريعًا، واستوطنوا البلاد كما تدل النقوش على ذلك. وقد سادت الفوضى فى مصر خلال الأسرتين السابعة والثامنة.
وقد أنقذ البلاد أسرة ملوك هركليوبوليس (إهناس) (بنى سويف حاليا) فى مصر الوسطى، فكان أول عمل قاموا به، هو أنهم طردوا الغزاة، وقاموا بتحصين الحدود المصرية، ثم جاء المنقذ منتوحوتپ الثانى (2046 - 1995 ق.م.) الذى وحد البلاد للمرة الثانية بعد الملك مينا، ويعد مؤسسا وأول حاكم فى عصر الدولة الوسطى.
وقام «أمينمحيت الأول» ثانى ملوك هذه الدولة ببناء حصنً أطلق عليه «جدار الملك» فى وادى طميلات لحماية حدود الدلتا ولمراقبة القبائل السامية التى تأتى عبر سيناء. وقد دلتنا النقوش على أن الحراسة كانت شديدة فى هذه المعاقل، إذ يقول لنا «سنوهي» فى قصته الشهيرة عندما فر من معسكر الجيش موليًا الأدبار: «ثم أسلمت الطريق إلى قدمى متجهًا نحو الشمال ووصلت إلى «جدار الأمير» الذى أقيم لصد الآسيويين. وقد خبأت نفسى فى شجيرات خوفًا من أن يرانى حارس النهار فوق الجدار وفى عهد الملك سنوسرت الثالث سادس ملوك الدولة الوسطى، وسماه الإغريق سيزوستريس الثالث اهتم بإنشاء جيشا قويا فى بداية عهده ساعده فى توسع المملكة المصرية فى النوبة (من 1866 ق.م. حتى 1863 ق.م.) حيث أقام قلاع نهرية ضخمة ووصل حتى الشلال الثالث، وهناك مسلة تذكر انجازاته الحربية فى النوبة وفلسطين.
(كما بنى قلعة فى مدينة بيبلوس بفينيقيا (لبنان حاليا وتوجد كتابات محفورة بالصخر الجرانيتى فى جزيرة سهل (قرب أسوان)، التى تصل النيل بالبحر الأحمر تدون حفر قناة سيزوستريس، واعتبارًا من عام 2000 ق.م، كان لمصر نفوذ سياسى واقتصادى وحضارى فى منطقة الشرق الأدنى القديم، حتى أنه يمكن القول إن مصر كانت أقوى دول المنطقة، بفضل قواتها المسلحة وجيشها القوى الذى حافظ على سيطرتها على هذه البلاد وخصوصا بلاد الشام شمالا وبلاد النوبة جنوبا.