
أ.د. رضا عوض
الجيش المصرى عبر العصور(8)
فى عهد أمنحتب الثانى، وهو السابع بين ملوك الأسرة الثامنة عشرة، وهو ابن الملك تحتمس الثالث، حاول أمنحوتب الثانى الاحتفاظ بالإمبراطورية الآسيوية التى امتلكها والده وذلك باستخدام القسوة فى سحق أى تمرد، ففى السنة الثالثة لحكمه أرسل حملة إلى بلاد تخسى فى شمال سوريا، وقاد فى العام السابع من حكمه حملة إلى فلسطين بدأها ببلاد رتنو فأخضع أمراءها، ثم بلدة شماس أدوم واستولى عليها فى مدة قصيرة ثم عبر نهر الأرنت واستولى على العديد من البلدان والقرى.
اتجه بعدها إلى مدينة قادش التى ما أن علم أهلها بوجوده حتى ذهبوا يعقدون معه يمين الولاء والطاعة، وبعد ذلك اتجه إلى فينيقيا وعاد منها بغنائم كثيرة. وفى العام التاسع لحكمه أرسل حملة ثانية إلى شمال فلسطين لإخماد ثورة قامت فيها فهزم أهلها هزيمة نكراء، وأخذ منهم أسرى يقدر عددهم بتسعين ألف أسير، ووصل بجيشه إلى نهر الفرات بالعراق،ونتيجة لانتصاراته أسرع إليه أمراء آسيا محملين بالهدايا ومقدمين فروض الولاء والطاعة.
ثم تولى من بعده تحتمس الرابع الحكم حيث قام بحملة على شمالى بلاد سوريا انتصر فيها وأخمد جميع الثورات التى قامت فيها وعاد من هذه الحملة بالغنائم الكثيرة، وعاد عن طريق لبنان التى أخذ منها كم هائل من أخشاب الأرز لبناء سفينة آمون المقدسة وذكرت قصة الأخشاب على مسلة توجد فى روما. وشهدت علاقاته مع سوريا تغيرات كبيرة نتجت عن التحالف السلمى بين المصريين والميتانى والذى توج بالزواج الملكى بين تحتمس الرابع وابنة ارتاتاما الأول ملك ميتانى. كما قام بحملة ثانية على بلاد كوش بالنوبة حيث قامت ثورة فى بلاد واوات، واستطاع هزيمة أعدائه وعاد بأسرى وأسلاب كثيرة.تولى من بعده أمنحتِپ الثالث (أمنوفيس الثالث)وهو تاسع فراعنة الأسرة الثامنة عشر، ومن أعظم حكام مصر على مر التاريخ.، حكم مصر فى الفترة ما بين (1391 ق.م. – 1353 ق.م.) أو (1388 ق.م. – 1351 ق.م.) وأبدى اهتماما قليلا للعمليات الحربية حيث واجه أمنحتب الثالث بعض القلاقل فى السنة الخامسة من حكمه فى بلاد كوش (النوبة) وبعد أن انتصر عليهم وسع رقعة ملكه حتى وصل إلى الشلال الرابع، وقد دوّن تذكار لهذه الحملة بالقرب على صخور جزيرة كونوسو بالنوبة، كما وصفت حملته على بلاد النوبة على لوحة سمنة وهى الآن فى المتحف البريطانى.امتد عهد الملك أمنحوتب الثالث لنحو 38 عامًا توفى بعدها تاركًا العرش لابنه أمنحوتب الرابع (اخناتون) الذى حكم مصر لمدة 17 عامًا والذى اُشتهر بتخليه عن تعدد الآلهة المصرية التقليدية وبإدخاله عبادة جديدة تركزت على آتون الشمس، التى توصف أحيانًا بأنها ديانة توحيدية. أفقدت سياسة أخناتون مصر إمبراطوريتها التى أسسها تحتمس الأول وتحتمس الثالث،وذلك باهتمامه بشئون الدين الجديد وإهماله شئون الجيش مما ادى إلى عدم قدرة الجيش فى الحفاظ على أجزاء الإمبراطورية المصرية فى الشام، وخير دليل على ذلك رسائل تل العمارنة وهى ست رسائل أرسلها حاكم اورسالم (القدس) (عبدى هيبه) إلى فرعون مصر إخناتون يطلب منه العون العسكرى للدفاع عن مدينه أورسالم وذلك فى فترة تبعيه أرض كنعان إلى مصر فى ذلك الوقت، وبعض هذه الرسائل موجودة بالمتحف المصرى. ولما تولى (حورمحب) آخر حكام الأسرة الثامنة عشر الحكم أعاد الانضباط إلى الإدارة الحكومية فهو أول من وضع تشريعات وقوانين لتنظيم حياة العامة فى التاريخ واهتم بإصدار العديد من القوانين التى تنظم العلاقة بين الفرد والسلطة الحاكمة واعاد بناء القوات المسلحة. اختار حورمحب، رفيقه فى الجيش الوزير (رمسيس) كخليفة له على العرش. حكم رمسيس الأول الذى أسس الأسرة التاسعة عشرة لمدة عامين فقط وذلك بسبب تقدمه فى العمر وقت اعتلائه العرش، وهو جد الفرعون العظيم رمسيس الثانى بطل الحرب والسلام الأول فى التاريخ.