الجمعة 29 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
 عن الثقافة والفنون.. وحتميتهما فى الحوار الوطنى!

عن الثقافة والفنون.. وحتميتهما فى الحوار الوطنى!

هل نحن نحرث فى البحر؟



سؤال منطقى وعقلانى يلوح ــ فى خجل ــ بين الحين والحين على عقول وألسنة المثقفين المصريين؛ الذين يداعبهم حلم ريادة وسيادة وزيادة الثقافة المعرفية عن الفنون وأثرها الإيجابى فى بناء الإنسان السَّوى؛ والدور الفاعل الذى تلعبه على مسرح الإحساس الجمعى المصرى والعربى؛ من أجل مواجهة ومجابهة الهجمات الشرسة التى يشنها ـ باسم الدين والعقيدة ـ أعداء الثقافة والفنون؛ ويرددون كالببغاوات ــ زورًا وبُهتانًا ــ بأنهما من شر الأمور؛ وأن شر الأمور مستحدثاتها؛ وأن كل مستحدثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة، وكل ضلالة فى النار! أى أنهم يوجِّهُون الدعوة للعامة والبسطاء بإلغاء التفكير وتجاهل «نعمة العقل» الذى وهبه الله للبشر أجمعين!

 ثم تلوح بشائر الخير على يد الرئيس عبدالفتاح السيسى؛ بدعوته الوطنية المُخلصة لفتح باب الحوار الوطنى الشامل بين جميع فصائل وشرائح المجتمع : السياسية والاقتصادية والثقافية؛ وهى خطوة مهمة وجادة على طريق المشاركة الفعالة لكل القوى الوطنية للحفاظ على المكتسبات العظيمة التى حققتها  فلسفة الجمهورية الجديدة.

 وعلى ضوء تلك الدعوة ..  فإن أول مايتبادر إلى ذهنى  كأستاذ جامعى وأكاديمى هو ضرورة الاهتمام بمحور إصلاح الثقافة والفنون؛ ومن الأهمية بمكان أن يأتى على رأس الأولويات كأحد المحاور الرئيسة فى فعاليات الحوار الوطنى الشامل، فالثقافة والفنون يحتويان على القيم النبيلة جمعاء والأعراف والتقاليد داخل المجتمع المصرى العريق ـ ماديًا ومعنويًا ـ ويُعد  بمثابة «حائط الصد» لكل الأفكار المتطرفة الدخيلة على مجتمعنا المصرى والعربى؛ لإيمانى العميق بأن «الثقافة والفنون» يحتلان مكانة القلب والعقل بين المجالات المجتمعية الأخرى؛ ويجب أن نعمل على رسم استراتيجية شاملة؛ تضم بنودها مواد الدستور المصرى.. لتصبح الثقافة ـ بحق ـ أسلوب حياة  يترجم إلى سلوك يمارسه كل البشر على أرض مصرنا المحروسة. 

 وفى هذا الصدد ؛ فإننى أحيى ماطرحته فى أحد المقالات ــ وكأنها تتحدث على لسان النخبة والصفوة من المثقفين المصريين ــ الكاتبة الصحافية/فريدة الشوباشى؛ والمعروف أنها أول سيدة فى تاريخ الحياة النيابية ترأس البرلمان المصرى فى جلسته الافتتاحية الإجرائية؛ حول مطالبتها لجنة الثقافة والهُويَّة بالبرلمان المصرى والمشاركة فى الحوار الوطنى الذى دعا إليه الرئيس الزعيم عبدالفتاح السيسى.. بضرورة «..التركيز على الثقافة والفنون اللذان يعبران عن الهوية المصرية...» .

 ودعونى ألتقط الخيط للحديث عن أهمية هذا النداء؛ انتظارًا لسماع «رجع الصَّدى» بين الأوساط الثقافية والفنية المتعطشة لفتح أبواب ونوافذ الحوار الوطنى الخلاَّق؛ من أجل الإسراع بالعمل الجاد على رسم الاستراتيجية المرجوَّة  لدعم الثقافة والفنون؛ بما فى ذلك ضرورة دعم فعالياتها بمواد صريحة ومُلزمة فى الدستور المصرى؛ حتى لاتضيع جهودنا هباء؛  ولاندور فى حلقة مفرغة لا تحقق الغايات السامية المنشودة لرفعة الوطن والبشر على أرضه؛ ونبدو وكأننا نحرث فى البحر!

ونحن إذ نحيى ونثمّن مبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسى بالدعوة لفتح حلقات الحوار الوطنى بين المصريين بجميع طوائفهم وأفكارهم ومعتقداتهم وتوجهاتهم وآرائهم السياسية؛ نؤكد ــ كما أشار الرئيس ــ بأنه ليس حوارًا بين «السلطة» و«المعارضة»؛ بل إنه الحوار الجاد البنَّاء الذى ينطوى  بكل المصداقية ـ على محاور سياسية واجتماعية واقتصادية؛ والتاكيد على أهمية مشاركة الشباب صنَّاع المستقبل؛ للوصول إلى وضع التصورات والاحتمالات لكل ما ــ قد ــ يجابه الوطن من المشكلات؛ والعمل على إيجاد الحلول التى تحفظ للمواطن حريته وكرامته.. ورفاهيته.

واسمحوا لى أن أنقل ـ للتوثيق والتاريخ ـ ما قاله الدكتور على الدين هلال مقرر المحور السياسى بالحوار الوطنى: «... إن الحوار سينتهى إلى توصيات تعرض على سيادة رئيس الجمهورية لبحث تنفيذ ما يقع تحت سلطته..». و«...أن الإجراءات التى لا تقع تحت سلطة الرئيس وتحتاج إجراء تشريعيا سيتم تحويله لمجلس النواب ...»؛ و«... أن الحوار ليس لإشغال السياسيين والمثقفين كما يزعم البعض، وأن نجاح الحوار مرتبط بمدى جدية المشاركين فيه؛ وأن كل الأطراف بما فى ذلك المعارضة، تتعامل مع الحوار الوطنى بجديَّة، وأن الأمور تتطلب وقتا لحلحلة أى مشكلات قد تظهر أمام الحوار...».

إننى إذ أؤكد ـ بما لايدع مجالًا للشك فى توجهات القيادة السياسية الوطنية المُخلصة ــ أن الحوار الوطنى يُعد بمثابة بداية انطلاقة وانفراجة ديمقراطية وسياسية ومجتمعية؛ تُسهم بشكلٍ جاد وحقيقى؛ فى الإشارة إلى تحديد أولويات ما يلزم الوطن من العمل المباشر والجاد؛ لتحقيق ما يصبو إليه الرئيس من «تدشين جمهورية جديدة»  تتسع للجميع.. ولتنزوى كل التيارات الدخيلة المناهضة للتنمية والاستقرار؛ وتعمل  بكل الطرق غير المشروعة على إعاقة مسارات الإصلاح والتغيير الإيجابى فى لُحمة المجتمع المصرى.. والعربى. كفانا تشكيكا فى الجهود المضنية التى تقوم بها قيادتنا الوطنية لتدفع بالتفكير فى وضع الحلول الناجعة لما ترانا غرقى فيه من مشكلات تنخر كالسوس فى عظامنا ولا نملك إزاء ذلك سوى تجرع الألم والشكوى.. فلنمسك بهذا الخيط الذى سيسهم حتما فى وضع نهاية لأزمات مزمنة ستجد طريقها إلى الحل بمشاركة صفوة عقول مصر فى دراستها والتحاور بوطنية والتشاور بحماس صادق بغية التوصل إلى أفضل وأنسب السبل للخلاص منها؛ وتصفية أذهاننا من صداعها الملح ومطاردته لرؤسناالمثقلة.. إذن فالحوار الوطنى حتمى.. والثقافة والفنون حتميتهما داخل نسيجه.. ضرورة لمن يعى مصلحة هذا الوطن.