الثلاثاء 30 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
المال الحرام

المال الحرام

جنون التريند وجنون السوشيال ميديا حولت حياة المصريين إلى جحيم قاتل ومميت، وجعلت طبقة معينة من البشر يبحثون عن المال والشهرة بأى طريقة وبأية وسيلة، حتى أن كان هذا المال هو مالًا حرامًا.



فما الذى يجعل محاميًا يدافع عن حقوق المظلومين بالقانون يقع هو فى خطأ قانونى لا يغتفر من أجل ركوب التريند،عندما يقدم بلاغًا لمواطن اكتشف أن مراته تخونه مع شخصية مشهورة، فبدلًا من أن يذهب إلى مكتب النائب العام ويقدم له بلاغًا مدعومًا بالمستندات أحضره إلى مكتبه ونصب الكاميرات حوله وصور له فيديو يُشهر فيه بزوجة مقدم البلاغ وبشخصية الجانى فى العلن وعلى رؤس الأشهاد.

هذا المحامى وغيره من منعدمى الضمير أصبح كل همهم ركوب التريند، وجنى الأموال التى تكون غالبًا بالدولار من وراء هذه الفيديوهات والتى تكسب أكثر مائة مرة من أتعاب القضية وهو ربح مضمون كلما زادت المشاهدات والتعليقات واللينكات.

الكل أصبح الآن يبحث عن التريند من أجل الأموال حتى لو كانت أموالًا حرامًا، فالكل يفعل أى شىء من أجل المال، على غرار السيدة التى لا تقرأ ولا تكتب، والتى قامت بعمل الكفتة فى منزلها، وداخل غرفة النوم وعلى سرير الزوجية، فتحولت إلى تريند، وأصبحت مشهورة، وتغير حالها ما بين ليلة وضحاها، وأصبحت من أغنياء المجتمع، وكذلك عامل الكشرى الشهير بعامل كشرى التحرير، الذى يخرج علينا كل يوم بتريند مختلف، وأصبح يطلق على نفسه المطرود، لأنه كلما دخل مكانًا يحاول أن يتفق حتى مع أصحاب المكان على طرده، حتى يحقق التريند الذى يريده، وأصبح من المشاهير ومن الأغنياء.

المهم أنك تفعل أى أشياء غير عادية، وقم بوضعها على السوشيال ميديا وستصبح مشهورًا وتمتلك أموالًا حتى لو أكلت العنب بالشوكة والسكينة، أو إذا قامت سيدة ترتدى عباءة وتقوم بإظهار مؤخرتها، وتدعى أنها فى روتينها اليومى تقوم بتنظيف منزلها, فستجد نفسها مشهورة وتجنى أرباحًا خيالية، ويصفق لها الكثيرون، وهناك فتيات صغيرات يظهرن بملابس تفضح أكثر مما تستر أصبحن من مشاهير المجتمع، وكذلك شباب كانوا من العاطلين الذين لا يجيدون القراءة ولا الكتابة عن طريق التريند أصبحوا من المشاهير فى الغناء والتمثيل وغيره.

هذه هى الحقيقة المؤلمة التى أصابت المجتمعين المصرى والعربى، فالفراغ الكبير الذى يعيشه المجتمع المصحوب بالتفاهة، هى التى تجنى أرباحًا كثيرة هذه الأيام، حتى أن صناعة المحتوى حاليًا أصبح كل همها صناعة التفاهة وقلة القيمة، وقلة الحياء من أجل ركوب التريند ومن أجل جنى الأرباح التى أصبحت بالدولار، ما جعل الثقافة عندنا تتسطح والقيم النبيلة التى كان يشتهر بها المجتمع المصرى والشرقى تتلاشى نهائيًا.

هناك جيل بأكمله يضيع أمام أعيُننا ونحن نقف محلك سر، لا نحرك ساكنًا بعد أن تركنا السوشيال ميديا تحركنا كيف تشاء، حتى أنها تخلت عن مناقشة القضايا الحيوية الكبرى، ودخلت فى متاهات وتفاهات لا قيمة لها، ولا تسمن ولا تغنى من جوع، فأصبحت تُبجل وترفع التافهين وعديمى الهوية أو الفكر أو الأدب أو الاحترام، وتترك الموهوبين والناجحين والعلماء، ومن ثم فإن حياتنا ستصبح تافهة إلى حد كبير، إذا ما تركنا الأمر فى يد هؤلاء الذين يعملون ليل نهار من أجل تستطيحنا وترك أخلاقنا وقيمنا وثقافتنا، الأمر يحتاج إلى وقفة جادة مع هؤلاء حتى لا يضيع مستقبل أبنائنا، الذى أصبح بين يدى السوشيال ميديا.