الجمعة 28 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
متعهد الصحف يصدم روزاليوسف!

متعهد الصحف يصدم روزاليوسف!

بعد مرور يومين على صدور العدد الأول من روزاليوسف الذى نفد تماما من السوق، قررت السيدة روزاليوسف أن تذهب للمتعهد ليعطيها عشرين جنيها قيمة بيع المجلة وأخذ المتعهد يمتدح المجلة وأنها سوف تكتسح كل المجلات.



وتمضى روزاليوسف قائلة: وشربت القهوة متمهلة وأنا أنتظر بين دقيقة وأخرى أن ينقدنى المبلغ ولكنى رأيت أنه «مصهين» فحاولت أن أنبهه بلباقة وقلت: يا ترى الحساب جاهز؟ والا آجى كمان شوية؟

فقال فى دهشة: حساب إيه يا ست؟ قلت: ثمن العدد!

وهنا ضحك المتعهد المحترم وقال باسما بعد أن سحب نفسا طويلا من التعميرة التى كانت بيده: يظهر أن حضرتك مش عارفة الأصول؟ ثم راح يشرح لى هذه «الأصول» وهى تتلخص فى أن حضرة المتعهد لا يدفع ثمن العدد الأول إلا بعد تسلم العدد الثانى ولا يدفع ثمن الثانى إلا بعد تسلم الثالث وهكذا!

كنت أستمع إلى هذه المحاضرة والغضب الممتزج بالكسوف يعتمل فى نفسى، وقد شعرت بقواى تخور، والعرق البارد يتساقط مدرارًا، حيث أدركت أن الأمل فى إصدار العدد الثانى قد قضى عليه هذا التصريح الخطير الذى أفضى به المعلم، واستجمعت أطراف شجاعتى وعدت أحاول محاولة أخرى فقلت: ولكن العدد كله نفد من السوق بشهادة الباعة!

فاجأب ضاحكًا: أيوه مفهوم، لكن الأصول عندنا كده يا ست، حتى اسألى بتوع المجلات كلهم؟

قلت : أنا ما لى ومال الأصول أنا عاوزة ثمن العدد اللى بعتوه وخلاص!

قال: ما يمكنش يا ست، لأن البياعين ما يرضوش يدفعوا ثمن العدد إلا لما يأخدوا اللى بعده!

قلت: طيب تدفعوا جزء من الحساب!

قال: ما يمكنش يا ست ما نقدرش نخالف الأصول أبدا!

وعند ذلك نهضت غاضبة وسرت أتعثر فى خطواتى وأنا ألعن «الأصول» و«الباعة» و«المتعهد» وكل من ساهم بقليل أو كثير فى هذه المتاعب! نعم ثرت وسخطت ولما لم يمضى على صدور العدد الأول يومان، وتطلعت بعين المستقبل إلى المتاعب المقبلة،  فلم يسعنى إلا أن أشفق على نفسى منها، وإلا أن أتخوف من مواجهتها، ولكنى لم ألبث أن عدت إلى طبيعتى، فاستجمعت شجاعتى واعتزمت أن أناضل وأناضل وأفوز، ومن ثم أخذت أفكر فى تدبير المال اللازم للعدد الثانى، ولم أستقر على رأى معين، بل ولم أجد بابا ألج منه لأحصل على المال وظللت أقلب وجوه الرأى حتى وصلت إلى الإدارة وهناك راعهم تجهمى، وما بدا على وجهى من علامات الانفعال، فالتفوا حولى يسألونى عما حدث لى، إذ كانوا جميعا يجهلون أننى ذهبت إلى المتعهد.

وما كدت أفضى إليهم بنبأ «النكبة» الداهمة حتى أغرقت الإدارة - أى إبراهيم خليل - فى الضحك وقال:

طيب وأيه اللى خلاكى رحتى للمتعهد، لو قلتى لى كنت وفرتى المشوار!

قلت: ليه بقى؟ قال: لأن المتعهد مش ممكن يدفع حتى ولو كان أبوه هو صاحب الجرنان، عندهم كده! نعمل لهم أيه؟ وهنا ثرت على الإدارة وأخذت أتهمها بقصر النظر لأنها على الأقل لم توضح لى هذه المسألة من قبل!

وبعد أن حمى بيننا وطيس الجدل تدخل أحد الأصدقاء وقال: بدل الخناقة دى اللى مفيش منها فايدة نفكر فى حاجة تنفع!

ورأينا أن كلام الزميل فى محله فأخذنا نفكر.. نفكر فى سبيل الحصول على «حاجة تنفع».

كانت الورطة أشد من أن تحتمل، وزاد فى حرج الموقف أن الأستاذ «زكى طليمات» كان قد سافر إلى أوروبا فى بعثة وزارة الأوقاف، ولم ينس قبل سفره أن يوصينا خيرا بالأدب العالى والتحليق فى جو الفلسفة وهذا كل ما استطاع الأستاذ أن يقدمه لنا من مساعدة. وللذكريات بقية..