الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
صديق روزاليوسف يقترح إيقاف المجلة!

صديق روزاليوسف يقترح إيقاف المجلة!

فوجئت السيدة روزاليوسف بتراجع توزيع المجلة ابتداء من العدد الثانى بسبب شكوى القراء من الأدب العالى والمواضيع الثقافية التى تنشرها أو تقرر أن تغير المجلة سياستها، وقال الأستاذ محمد التابعى إن الجمهور يريد غذاء يهضمه لا هذا اللون البغيض من الأدب. لكن المشكلة أين النقود لإصدار العدد الجديد!



وتروى روزاليوسف قائلة: ولكن كيف السبيل إلى الحصول على نفقات العدد؟! هنا تضاءلت العبقرية من رءوس الزملاء وحل مكانها الأفكار السخيفة الركيكة التى لا طائل تحتها، وإذا بوحى جديد يهبط على أم رأس الصديق الأستاذ «محمود عزمى» فهتف يقول: عندى اقتراح كويس يا جماعة!

فأحدقت الأنظار بهذا العبقرى الفذ الذى راح يقول فى هدوء: إحنا مش طلعنا لغاية دلوقتى سبعة أعداد طيب ما هو كفاية كده ونخلى السنة سبعة أعداد والسنة الجاية نطلع زيهم!

وعلى الرغم من أن الموقف كان موقفا دراماتيكيا، فلم يسع الزملاء إلا الضحك، أما أنا فقد توسمت فى هذا التهكم المرير دسيسة تحاك حولى، يراد منها اختفاء المجلة من الوجود فامتلأت حنقا وثارت أعصابى فامتدت يدى لتنتقم من صاحب الاقتراح بنزع فروة رأسه ولكن يدى ارتدت صفرًا، إذ كانت رأسه ملساء قاحلة لا نبات فيها!

ورأى إبراهيم خليل شدة انفعالى فراح يقول إنه على استعداد لدفع نفقات العدد الثامن فعلى المحررين أن يباشروا عملهم.

ولم أصدق بادئ الأمر، ولكنه كان جادًا لأنه كان يضمر أمرًا فى نفسه لم يبح به، وشمر المحررون عن ساعد الجد والنشاط وراحوا يجهزون مواضيعهم بعد استبعاد الأدب العالى من الحساب، وقبيل صدور العدد بيوم واحد كنت أمام مفاجأة كدت أصعق لها!

فقد خرج الباعة وهم يملأون الشوارع بصيحاتهم: روزاليوسف بتعريفة.. روزاليوسف بتعريفة.. خمسة بقرش يا روزاليوسف!

تعترف روزاليوسف بقولها: كاد يغمى علىّ عندما سمعت هذا النداء، ورحت أتحرى الخبر فعلمت أن الباعة يبيعون مرتجع الأعداد القديمة، وتبين أن إبراهيم خليل باع هذه الكمية للباعة بالأقة ليحصل على جزء كبير من نفقات العدد، وأنه حين تبرع بدفع النفقات كان يضمر فى نفسه بيع المرتجع!

وعدت إلى الإدارة وأنا أكاد أنفجر لشدة القهر إذ أيقنت من أن المجلة لن تباع بقرش صاغ بعد أن عرضها الباعة بقرش تعريفة «خمسة مليمات»!

ولم أكد أصل إلى الإدارة حتى غلبتنى دموعى فرحت أرفه بها نفسى وطأة القهر والغيظ وخمدت ثورتى أمام صمت الإدارة الرهيب لأنها كانت تعلم سلفًا أن أى عذر تتقدم به إلىّ لن يكون إلا سببًا فى زيادة ألمى!

ولم يكن الزملاء يتوقعون هذه الثورة فاتجهت جهودهم إلى معالجة أسبابها، ورأى الصديق «أحمد حسن» أن العلاج الوحيد هو استرداد النسخ من الباعة مهما كلف الأمر! وعلم الباعة بالأمر فأبوا أن يبيعونا إياها إلا بخمسة مليمات!

وكانت النتيجة إننا اشترينا ما باعه «إبراهيم خليل» ـ الإدارة ـ بثلاثة جنهيات بما لا يقل عن ثلاثة عشر جنيهًا، دفع منها الصديق «أحمد حسن» عشرة جنيهات والباقى تكفل به الباقون وأدرج هذا المبلغ فى قائمة خسائر المجلة.

ولم يطمئن بالى إلا بعد أن عدت إلى الإدارة أنا والزميل «أحمد حسن» ومعنا الأعداد التى استعدناها من الباعة بالثمن الغالى.

كانت العقبات والمصاعب والأزمات تتجمع وتقف فى سبيل العدد.. لا ثمن الورق ولا أجور الطبع ولا شىء أبدًا. وللذكريات بقية!