الإثنين 29 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
صلة الرحم

صلة الرحم

صلة الرحم هى أهم وتد للإنسان، هى الراحة والسكينة، وفيها إصلاح للنفس، وتهذيب للحقد والحسد، فما أعظم صلة الرحم التى تسفر عن المحبة والإخلاص والولاء للعائلة والأهل والأسرة، وصلة الحرم يجب غرسها فى القلوب منذ الصغر لدى الأطفال، حتى يشب الطفل على حب الأهل والأصدقاء والجيران ويعرف قيمتها عندما يكبر ويتقدم به الزمن.



صلة الأرحام عندنا فى الوقت الحالى تحتاج إلى مراجعة مع النفس، بعد أن أصبح كل إنسان فى حاله لا يسأل عن أقرب شخص له، بل زاد على ذلك أن البعض لا يساعد أقرب الناس إليه وهو يعلم مدى احتياجه له، وقد أفزعنى ما قرأته عن حادث الإسكندرية الذى وقع منذ عدة أسابيع، والذى كشفته أجهزة الأمن ،عندما عثر أحد المواطنين على هياكل عظمية داخل أحد صناديق الزبالة، فقام على الفور بإبلاغ أجهزة الأمن، والتى تبين لها أن هذه الهياكل العظمية تخص رجلًا مسنًا وزوجته، كان يقيمان معًا وليس لهما أولاد، والرجل مريض بشلل وتعوله الزوجة التى تشرف على علاجه ومأكله وملبسه، خاصة أنه قعيد، لا يستطيع الحركة، وتبين من خلال الطب الشرعى أن الزوجة ماتت بسكتة قلبية وأن الرجل لم يستطع الحركة لينجد زوجته أو حتى ينجد نفسه، فظل بجوارها عدة أيام حتى مات من الجوع ومن العطش ومن قلة الأدوية، وظلت جثته مع جثة زوجته بجواره أيامًا وشهورًا دون أن يسأل عليهما أحد من الأقارب أو الأهل أو الجيران، حتى أن بعض اللصوص ممن يسرقون الشقق السكنية التى لا يتردد عليها أحد ويقومون بتزوير الأوراق وبيعها استطاعوا كسر باب الشقة لبيعها لشخص آخر، إلا أنهم وجدوا جثة الرجل وزوجته، فقاموا بوضعهما فى جوال والتخلص منهما داخل صندوق القمامة، وقاموا ببيع الشقة بالفعل دون أن يدرى أحد حتى كشف الله أمرهم وتم القبض عليهم.

هذه القصة تدعو إلى التدبر والتأمل، كيف لمثل هذين الزوجين أحدهما قعيد وزوجته مسنة ولا يسأل عليهما أحد ،هل لهذا الحد وصل بنا الأمر، إننا قطعنا صلة الأرحام ونسينا حق الجار، هل لهذا الحد نسينا الله سبحانه وتعالى وشغلنا أنفسنا عن السؤال على أقربائنا وأهلنا وجيراننا، هل شغلتنا الدنيا عن أهم وصايا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم عندما قال: «عن أبى هريرة رضى الله عنه عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت»، هل نسى الجميع صلة الأرحام حتى أن فتاة فى إحدى المحافظات قتلت أمها بالاتفاق مع عشيقها من أجل غرائزها ولم تبال ووالدتها تتوسل إليها بأن تتركها تنطق الشهادتين هل لهذه الدرجة فقد المجتمع إنسانيته وضميره، وتحول المجتمع إلى مجتمع يشبه الغابة التى يأكل فيها القوى الضعيف وتركنا ضمائرنا ونسينا أخلاقنا وأحاسيسنا.

صلة الرحم نور يضىء الطريق، وبركة فى الرزق والعمر، ودليل على قوة الإيمان، وتركها فساد للدين والدنيا معًا.

وكل الأديان السماوية تدعو لصلة الأرحام، القضية تنبع دائمًا وأبدًا من النفوس الشريرة، لأن صلة الرحم هى الأساس فى الرزق، فمن أراد أن يبسط الله له رزقه فليصل رحمه، فما يزيد رزق المرء إلا صلة الأرحام، والقلوب النقية التقية؛ فصلة الرحم هى صلة الله عز وجل فمن وصل رحمه وصله الله، ومن قطع رحمه قطعه الله، وخير الناس حقًا هم واصلو الأرحام.. جعلنا الله تعالى جميعًا منهم وأبعد عنا غلاظ القلوب.