السبت 27 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
عن فوائد السفر والإنترنت

عن فوائد السفر والإنترنت

نعرف جميعا مقولة أن للسفر سبع فوائد أو كما قال الشافعى فى أحد أبياته بأن للسفر خمس فوائد وفى جميع الحالات لم نتوقف كثيرا لنسرد تلك الفوائد أو نتعرف عليها، وفى جميع الأحوال ببحث بسيط على شبكة الإنترنت نستطيع أن نعرف أن تلك الفوائد هى تفريج الهموم وطلب الرزق وطلب العلم النافع وتحصيل الآداب وصحبة كرام الناس واستجابة الدعاء والخبرة فى الناس.



بالطبع تعرض السفر لتطور كبير بتطور وسائل الانتقال بداية من السير على الأقدام مرورا بركوب الدواب والبحار وصولا إلى الطائرة والصاروخ وهو ما جعل السفر أقل مشقة كثيرا عن ذى قبل، وعلى الرغم من أن القرن العشرين قد شهد أكثر هذه الوسائل تطورا وسرعة إلا أن نموذجين أود أن أتوقف عندهما وهما الأستاذ عباس محمود العقاد والأديب العالمى نجيب محفوظ، فالعقاد المولود بأسوان والمتوفى بالقاهرة لم يسافر إلا إلى السودان خوفا من هتلر ومن أجل العمل وإلى الأراضى الحجازية من أجل أداء فريضة الحج، أما محفوظ فلم يسافر إلا إلى يوغوسلافيا واليمن لأسباب وظيفية ضاغطة وإلى لندن من أجل إجراء عملية جراحية فى القلب، حتى إنه اعتذر عن السفر إلى السويد لتسلم جائزة نوبل وتسلمها نيابة عنم ابنتاه أم كلثوم وفاطمة.

وعلى الرغم من عدم سفر الأديبين الكبيرين إلا أنه لا يمكن مقارنة كم المعارف والخبرات اللتين تحصلا عليهما بأكثر شخص قام بالسفر، الأمر ببساطة يعود إلى القراءة المتنوعة، فالعقاد كان يقرأ فى كل المجالات، تستطيع أن تجد على مكتبه عدة كتب فى الفلك والطب والتشريح والغناء والرقص بالإصافة إلى الأدب والسياسة والاقتصاد والكتب الإسلامية، نفس الأمر مع نجيب محفوظ والذى يعرف عنه أنه قد قام بقراءة دائرة المعارف البريطانية كاملة، هذا بالإضافة إلى احتكاكهما مع الكثير من الناس-خاصة محفوظ- وهو ما ظهر جليا فى قدرتهما على سبر أغوار النفس البشرية وفهمها فهما عميقا.

والآن فى عصر المعلومات ربما يكون الأمر أكثر سهولة، ففوائد السفر السبع تستطيع أن تحصل عليها جميعا من دون أن تترك مقعدك الوثير فى المنزل، تستطيع أن تقرأ وتتعلم وتعمل وتخالط البشر وتستمع إلى الموسيقى والحفلات الغنائية وتشاهد الأفلام المتنوعة، بل تستطيع أن تحصل من المعارف والخبرات أضعاف أضعاف التى حصلها السابقون، فالعمر لا يتسع لتحصيل كل ذلك من خلال السفر ولا حتى من خلال القراءة بنمطها القديم، وهنا يأتى السؤال، أين المشكلة، ولماذا لا نجد الكثير من الحكماء والفلاسفة والعارفين، الأمر ببساطة لأن المحدد الرئيسى لكل ذلك هو الإنسان نفسه، عقله ودرجة استيعابه وقدرته على تحصيل كل تلك الروافد بقدر متوازن وألا ينجرف فى اتجاه واحد فقط-غالبا التسلية- ويترك باقى المجالات وهو أمر يحتاج إلى وجود وعى وانتباه وإلى تنظيم أيضا.