الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
سعادة «روزاليوسف» بسماع اسمها فى الشوارع!

سعادة «روزاليوسف» بسماع اسمها فى الشوارع!

كانت سعادة السيدة روزاليوسف لا حدود لها عندما حصلت على جائزة مباراة لتمثيل وشيك بمبلغ ثمانين جنيهًا قيمة الجائزة، وأيقنت أن كل مشاكلها المادية قد انتهت وأن مجلتها ستواصل الصدور كل أسبوع فى موعدها وتصف روزاليوسف هذا المبلغ بأنه ثروة قارون!



وتروى روزاليوسف: كيف حملت الشيك ومن حولها نطاق من الحرس الذين هم محررو المجلة، وساروا على الأقدام حتى وصلوا إلى إدارة المجلة ولا حديث لهم سوى المجلة ووجوه التجديد فيها، وتضيف قائلة:

فى الصباح الباكر كنت أخذ مكانى على سلم البنك الأهلى لصرف الشيك، ولكم سخطت على نظام البنك ومواعيده كأنما كان ينبغى أن يفتح أبوابه عند الفجر إكرامًا للشيك الذى أحمله، ولم تمض ساعات حتى كنت قد ابتعت بنصف المبلغ ورقًا للمجلة بمثابة احتياطى حتى لا يتعطل صدور العدد عن موعده إذا حلت بنا أزمة لا قدر الله.

واجتمعنا فى جلسة فوق العادة لقلب نظام المجلة! واقترح الأستاذ «التابعى» أن نباعد بين «الأدب العالى» و«بين المجلة بعد أن خرب» الأدب العالى خرب بيوتنا ونشف ريقنا وورانا المُر!!

فوافقنا بالإجماع، على الرغم من احتجاجات الأستاذ «زكى طليمات» المتوالية التى كان يرسلها لنا من باريس حيث كان فى بعثة وزارة المعارف للتمثيل، واتفقنا على أن نقلل من حجم المجلة لكى تباع بخمسة مليمات فيكون عدد صفحاتها 16 فقط يحتويها غلاف ملون!

وتمكنا كذلك من عقد اتفاق مع المتعهد كان له أكبر الأثر فى انتظام صدور المجلة، وكان محور هذا الاتفاق هو تسليم الأعداد للمتعهد دون «مرجوع»، على أن يتسلم 800 «ثمانمائة» نسخة للقاهرة ومثلها للأرياف، فإذا كان فى حاجة إلى عدد أكبر فنحن فى الخدمة.

وهكذا ضمنت لمجلتى بيع هذا العدد كل أسبوع، وصار فى مقدورى أن «أربط» ميزانية المجلة عليه دون أن أخشى شبح «المرجوع» المرعب الذى كان يحضر إلى  الإدارة ممتطيا عربة الكارو المخيفة كل بضعة أسابيع.

وكان الاتفاق مشجعًا للمحررين على بذل جهودهم فى الحصول على الطريف من الأنباء، والتلطف فى سرد الأخبار، وتدبيج المقالات، فاتخذت المجلة طابعا خاصا تشيع فيه «خفة الروح» وتتجلى فى معظم صفحاته.

وأقبل الجمهور على المجلة إثر شعوره بخصومتها مع «الأدب العالى» وارتفع رقم التوزيع من ألفى نسخة إلى ثلاثة إلى أربعة حتى وصلنا إلى تسعة آلاف نسخة ولم تتجاوز المجلة عددها الثلاثين!

وألفت أن أتجول فى أنحاء العاصمة يوم صدور المجلة فإذا الباعة ينطلقون بسرعة فى الشوارع والميادين هاتفين باسم «روزاليوسف» والجمهور يتخاطفها من الباعة فلا تمضى ساعات حتى تنفد الأعداد من أيدى الباعة!

فكان نجاحًا هائلا أشعر بنشوانه كل أسبوع وكل يوم، بل كلما وقع نظرى على نسخة من المجلة سواء فى البيت أو الشارع وبدأت المجلة تثير اهتمام أبناء الطبقة الراقية المثقفة وتتغلغل فى قصورهم وتتداولها أيدى فتياتهم وفتيانهم!

وانتقل الاهتمام بالمجلة إلى الدوائر العليا، فكنت ترى الكثيرين من العظماء يحملون المجلة ويخفونها فى الصحف اليومية حتى لا يقال عنهم أنهم من المهتمين بمطالعة المجلات الفنية الطويلة اللسان بعض الشيء، وألمنى أن أشعر بهذه الحقيقة فاعتزمت فيما بينى وبين نفسى أن أكره الجميع على احترام مجلتى وإعطائها المكانة الأولى بين المجلات. وتمضى روزاليوسف فى ذكرياتها الصحفية قائلة:

كانت المجلة توزع أسبوعيًا تسعة آلاف نسخة وعدد كهذا يباع من مجلة أسبوعية كان يجب أن يدر الكسب الوفير ولكن الأمر على العكس تماما، فقد كان ثمن الورق مرتفعا جدا وكذلك أجر الطبع، فإذا لوحظ أننى كنت لا أدخر وسعا فى انتخاب أجود أنواع الورق لمجلتى، كان كسب المجلة بعد بيع هذا العدد الوفير منها لا يوازى شيئا مذكورا، وهذا فضلا عن أن تحرير المجلة بأكمله لم يكن يكلفنى إلا القليل، والقليل هنا هو ما يستهلكه المحررون من القهوة أثناء العمل.

وللذكريات بقية!