الإثنين 4 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
السياحة العلاجية فى مصر

السياحة العلاجية فى مصر

منذ تولى الرئيس السيسى وهو يولى ذوى الهمم اهتماما خاصا ومميزا لمساعدتهم وتخفيف أثر الاعاقة عليهم، ومؤخرا وجه الرئيس السيسى بالإسراع فى خطوات امتلاك القدرة التصنيعية للأطراف والأجهزة التعويضية، وفق المواصفات القياسية المعتمدة دوليا، بغض النظر عن التكاليف المالية والتحديات الاقتصادية، ومن خلال إقامة مجمع صناعى متكامل، لتقديم تلك الخدمة النبيلة إلى كل إنسان فى حاجة إليها، وذلك من منظور إنسانى وأخلاقى ودينى، مع الأخذ فى الاعتبار إمكانية تطوير ذلك المجمع الصناعى، ليصبح مركزا إقليميا من أجل تقديم تلك الرسالة الإنسانية لكل دول المنطقة من منظور احترام وصون حقوق الإنسان على خلفية ما تعانيه المنطقة من أحداث عنف وإرهاب.



ولمعرفة حجم المشكلة فى مصر وطرق علاجها، نجد أنه طبقا لأرقام الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، فإن نسبة ذوى الاحتياجات الخاصة تمثل 10٫5% من إجمالى تعداد السكان داخل مصر، وفقًا لآخر تعداد أجرته الدولة بنهاية عام 2017، وبلغت أعداد ذوى الإعاقة 8٫636 مليون شخص، والاعاقة الحركية فى المرتبة الأولى بعدد 1٫097 مليون شخص. والإعاقة الحركية تعنى كل عجز يؤدى الى فقدان وظيفة من الوظائف الحركية للجسم مثل بتر الأطراف الناجم عن الحوادث وغيرها.

ولعلاج هذه المشكلة يتم بما يعرف (بمنظومة التأهيل الطبى) والتأهيل الطبى هو البعد الثالث للمنظومة الطبية بعد الطب الوقائى والطب العلاجى بشقيه الباطنى والجراحى ثم الطب التأهيلى. وللحصول على أفضل النتائج طبقا للمعايير الدولية ومنظمة الصحة العالمية يعتمد التأهيل الطبى فى انجازه على الفريق المتكامل، والذى يتكون من الطبيب اخصائى التأهيل والطب الطبيعى كقائد للفريق ومعه اخصائى العلاج الطبيعى للتأهيل الحركى، واخصائى العلاج بالعمل للتأهيل الوظيفى، والاخصائى النفسى، والاخصائى الاجتماعى، ثم اخصائى الأطراف الصناعية والاجهزة التعويضية، فالطبيب يحدد نوع الاعاقة ووضع خطة تأهيلها والأجهزة المناسبة لها ومتابعتها لحين التنفيذ الكامل لبرنامج التأهيل، ويقوم باقى أعضاء الفريق بعمل اللازم كل فى تخصصه، فأخصائى العلاج الطبيعى يقوم بوضع برنامج العلاج الطبيعى وتنفيذه، والاخصائى النفسى يعالج الاضطراب النفسى الذى نتج عن الاعاقة والاخصائى الاجتماعى يقوم بتذليل الآثار المادية والاجتماعية التى نتجت عن الاعاقة وذلك بالتعاون مع وزارة التضامن الاجتماعى والمؤسسات والجمعيات غير الحكومية، ويقوم اخصائى الأطراف الصناعية والأجهزة التعويضية بتصنيع وتجميع الأطراف والأجهزة التعويضية طبقا للمواصفات التى وضعها الطبيب اخصائى التأهيل والطب الطبيعى ثم يقوم اخصائى العلاج الوظيفى بتدريب المريض على استعماله ويقوم أيضا باختيار العمل المناسب له لاستكمال عملية التأهيل والذى يهدف بعد إنجازها إلى أن يعتمد المريض على نفسه وليكون عضوا نافعا للمجتمع ويشارك فى تنميته. وهذا النظام هو النظام المتبع فى مراكز التأهيل فى أوروبا وأمريكا ومركز التأهيل للقوات المسلحة بالعجوزة والذى تم وضع حجر الأساس له بواسطة الرئيس الراحل محمد نجيب كأول مركز من نوعه فى الشرق الوسط وافتتحه الرئيس الراحل جمال عبدالناصر وقام بزيارته الرئيس الراحل أنور السادات قبل حرب أكتوبر بعدة أشهر، ثم تم اعادة إنشائه وتجديده وافتتاحه بواسطة الرئيس الراحل مبارك والمشير الراحل حسين طنطاوى. وللوصول إلى نتيجة مرضية فى تأهيل المرضى ذوى الاعاقة بمصر،لابد من اتباع هذا النظام فى كل مؤسسات الدولة التى تقوم بتأهيلهم، وإنشاء كليات ومعاهد لتخصص العلاج الوظيفى غير الموجود حاليا بمصر، وزيادة عدد المعاهد لتخريج اخصائى الأطراف الصناعية والأجهزة التعويضية، وإنشاء مركز أبحاث فى هذا المجال والتعاون مع مراكز التأهيل فى أوروبا والولايات المتحدة واليابان. كما تقوم وزارة الصحة الآن بإنشاء مراكز تأهيل على نظام مركز التأهيل بالعجوزة، لتوفير هذه الخدمة التأهيلية بمنظومة التأمين الصحى الشامل، حيث يتم الآن إنشاء مركز التأهيل الطبى بالإسماعيلية لخدمة منطقة القناة وشرق الدلتا بجانب مركز الجهاز الحركى بامبابة وإنشاء مراكز جديدة فى أنحاء مصر طبقا للاحتياجات، وكذلك تقوم وزارة التضامن الاجتماعى بنشاط متميز فى هذا المجال وذلك لتحقيق أفضل النتائج لمبادرة الرئيس عبدالفتاح السيسى.

وتاريخيا يعتقد الكثيرون أن الأطراف الصناعية تم اختراعها فى العصر الحديث، ولكن ما قد يدهشك هو أن الأطراف الصناعية موجودة منذ عصر قدماء المصريين الذين تركوا بصمتهم على كل علم، ففى عام 2000، تم اكتشاف أول وأقدم جهاز تعويضى فى تاريخ البشرية يرجع لعام 915 ق م فى أحد القبور الفرعونية لمومياء مصرية هى ابنة أحد كهنة آمون وتدعى تا- باكت- إن-موت، أصيبت بمرض أدى إلى بتر أصبع الإبهام بقدمها اليمنى، وتم تنفيذ عملية البتر بمهارة فائقة، ما أدى إلى التئام الجرح بشكل كامل، وحتى تمارس حياتها بشكل طبيعي، تم صناعة هذا الطرف الصناعى من الخشب، والجلد الطبيعى وتخييطها، حتى تتمكن من المشى بشكل طبيعى، وهذا الجهاز معروض الآن فى القاعة الرئيسية لمتحف الحضارة بالفسطاط شاهدا على عظمة حضارة مصر أم الدنيا.. وتحيا مصر..