الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
مفاجأة «روزاليوسف» واعتذارها!

مفاجأة «روزاليوسف» واعتذارها!

كانت شقة السيدة «روزاليوسف» هى مقر المجلة وبمرور الوقت ضاقت الشقة على الزائرين من كبار الأدباء والشخصيات المهمة وكان لا بد من البحث عن مقر يخص المجلة، ولم تجد «روزاليوسف» خيرًا من البدروم الذى يملكه أمير الشعراء أحمد شوقى ويتكون من غرفتين متداخلتين وردهة وكان ثمن الإيجار جنيهين فى الشهر.



وتمضى «روزاليوسف» فى ذكرياتها قائلة:

صارت للمجلة إدارة جديدة ولا فخر، وهى من ممتلكات أمير الشعراء المرحوم «شوقى بك» فى شارع جلال، إن سعادة أمير الشعراء كان على غناه الواسع وجاهه العريض يبدى دقة متناهية فى سبيل قبض الإيجار وقدره مائتا قرش صاغ فلما ألتمسنا من سعادته أن يمهلنا بضعة أيام فى دفع الإيجار باسم الأدب والشعر والصحافة كان يسمعنا دائمًا أن الأدب والشعر كوم، والفلوس والايجارات كوم تانى، وبينهما برزخ واسع فهما لا يلتقيان!!

وكان أحد دوافع السيدة «روزاليوسف» لاستئجار هذه الشقة هو تهديد المحررين بالامتناع عن صعود الأربعة وتسعين سلمًا فى شقتها والاكتفاء بالجلوس فى بير السلم يكتبون فيه مقالاتهم جلوسًا على الأرض أو على دكة البواب!

وبعد الانتقال إلى بدروم أمير الشعراء بدأ التفكير فى تطوير المجلة أكثر وأكثر بعد أن وصل توزيعها إلى تسعة آلاف نسخة أسبوعيًا وتكمل السيدة «روزاليوسف» الحكاية بقولها: «كانت هيئة التحرير كما هى: التابعى ومحمود عزى وأنا، أما الصديق «احمد حسن» فقد كان يقوم بمهمة المدير المالى ولكن كان مديرًا «ظهورات» أعنى أنه كثيرًا ما كان يختفى لئلا يقوم بعمل ما، وكان القسط الأكبر والوافر من تحرير المجلة يقع على عائق الأستاذ التابعى.. على الرغم من قيامه بعمله فى مجلس النواب!

وكان التابعى يقطن فى فندق يقع بميدان العتبة الخضراء وكنت أقطن بشارع جلال، ولما كان العمل يضطرنا إلى الالتقاء يوميًا فقد ثارت بيننا مشكلة هو لا يستطيع أن يقطع هذه المسافة سيرًا على الأقدام، لأنها تأخذ من وقته الكثير، خصوصًا أنه مضطر بعدها إلى قطع المسافة من شارع جلال إلى مجلس النواب ليصل إلى محل عمله فى الموعد المحدد، وأنا لا أستطيع الذهاب إلى مكان سكنه، لأن المكان لا يسمح لنا بالمباحثة فى شئون المجلة. وأخيرًا اتفقنا على تعيين مكان يقرب المسافة بيننا ووقع اختيارنا على حديقة الأزبكية بجوار كشك الموسيقى، فكان هو يضطر إلى مبارحة الفندق فى ساعة مبكرة جدًا من الصباح ليكون بالحديقة فى تمام السادسة صباحًا، حيث أكون بانتظاره وأنا أحمل ما تيسر من الصور والكليشيهات وغيرها ليذهب بها إلى المطبعة.

فإذا التقينا جلسنا نتباحث فى شئون المجلة حتى إذا حان وقت ذهابه إلى عمله أنصرف مسرعًا وهو يطوى الأرض طيًا بساقيه الطويلتين، ومن المناظر المألوفة في ذلك الوقت أن تقع الأنظار على التابعى وجيوبه منتفخة لكثرة ما أودع فيها من كليشيهات المجلة.

وقد حدث ذات يوم أن التقينا وأخذنا نتباحث فى شئون التحرير فوقع بيننا خلاف حول مسألة معينة، فأصر كل منا على رأيه، وساقت الحدة مناقشتنا، فلم يرق لى هذا الإصرار من جانبه، وثارت أعصابى، فلم أتمالك شعورى وأعمانى الغضب فإذا بيدى تمتد وتهوى على وجنة الصديق فيكون لها دوى شديد كان له رد فعل فى نفسى الثائرة فشعرت بالخجل!

وكانت دهشة التابعى لهذه المفاجأة غير المنتظرة شديدة جدًا فتراجع مذعورًا وهو يحملق فىّ بنظرات الدهشة والعجب.

ولم تقو عيناه على احتباس دمعة انحدرت، فنمت عن عظيم تأثره لما حدث، وبغير أن يفوه بحرف واحد انصرف يوسع الخطى لا يلوى على شىء.

ومضت برهة وأنا مأخوذة بما حدث.. ولم ألبث أن راجعت نفسى، فساورنى الندم، وأيقنت أن الصديق كان على صواب فى إصراره على رأيه، وأعتزمت أن ألحق به وأزيل أثر هذه الصفعة بكلمة اعتذار!

وللذكريات بقية!