السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
انحيازات الذكاء الاصطناعى

انحيازات الذكاء الاصطناعى

خلال الأيام القليلة الماضية أصبحت تطبيقات الذكاء الاصطناعى هى الشغل الشاغل للمتخصصين ولجمهور المستخدمين أيضًا، فمن الحديث عن برامج تقوم برسم لوحات فنية أو إنتاج مقطوعات موسيقية بناءً على ما يطلبه المستخدمون من خصائص لتلك اللوحة أو لهذا اللحن من خلال كتابة عبارات بسيطة، أوالأسلوب الآخر من أساليب استخدام تلك التطبيقات فى الدردشة والمعروفة بالـ Chatbots مثل تطبيق ChatGPT أو Bard، ومنذ إتاحة تلك التطبيقات ارتفعت النقاشات- والجدل أيضًا- حول مستقبل الحياة فى ظل تلك التطبيقات وهل ستؤدى إلى المزيد من الرفاهية والراحة للإنسان أم ستكون وبالًا عليه نتيجة اعتماده عليها بالكلية, مما قد يؤثر على قدراته العقلية والذهنية، أو تأثيرها على معدلات البطالة والاستغناء عن البشر فى بعض الوظائف البسيطة كموظفى الدعم الفنى أوالمعقدة مثل المحامى أو حتى الطبيب الجراح، بالإضافة إلى مستقبل التعليم والتعلم والبحث العلمى وهل سيتم اعتماد تلك التطبيقات كمصادر معتمدة فى إعداد الأبحاث وصولًا إلى الريبة والتخوف من قيامها بإعداد الأبحاث بصورة كاملة من الألف إلى الياء.



ولا يتوقف الجدل عند حد مجالات التعليم والتعلم بل تصل أيضًا إلى المجالات الفنية والثقافية المختلفة، فهل سنحتاج إلى شعراء ومؤلفين وفنانين وملحنين، أم سيتم استبدالهم بتلك التطبيقات سواء بصورة جزئية أو كلية. كل تلك النقاشات وكل هذا الجدل مقبول وطبيعى ومشروع، ولكن بالرغم من خطورة هذا الأمر فإن منطقة أخرى وطابعًا آخر يتسم به الإنسان أصلًا ويخشى البعض من امتداد تأثيره إلى تلك التطبيقات والمقصود به ما يمكن أن يطلق عليه «الانحيازات»، فمعنى ومعيار الموضوعية والانحياز يعتبر من المعانى الجدلية إلى حد كبير وهو ما نراه دائمًا حولنا مع من نتفاعل معهم من البشر, وهو أمر وإن كان طبيعيًا ومفهومًا، فإن انتقال الأمر إلى تلك التطبيقات يستوجب الحذر والانتباه، ببساطة لأن هذا الأمر متوقع سواء نتيجة أن البيانات والمعلومات المدخلة إلى تلك التطبيقات هى بيانات منحازة بالأساس ونتيجة أن خوارزميات تلك التطبيقات ليست موضوعية ولكن تم برمجتها لتحقق هذا الانحياز والأمثلة على ذلك كثيرة، فخلال الحديث عن المحامى الذكى- الروبوت الذى يقوم بعمل المحامى ويعتمد تقنيات الذكاء الاصطناعى للعمل- قد يكون منحازًا لعرق أو نوع على حساب عرق أو نوع آخر، فالحديث يدور على اضطهاد تلك التطبيقات للملونين وانحيازهم للمرأة وربما انحياز لدين على حساب الآخر ولزعيم أو لتكتل سياسى على حساب زعيم أو تكتل سياسى آخر أو إبداء الرأى حول بعض الأمور الخلافية كالمثلية الجنسية وغيرها بأسلوب لا يوضح خطورة الأمر، بل ويضعه تحت مسمى الحرية الشخصية التى يجب احترامها وتقبلها، وهنا تكمن الخطورة فى قدرة تلك الأنظمة على تشكيل الوعى للمستخدمين بصورة أكثر قسوة مما فعلته شبكات التواصل الاجتماعى بمستخدميها على مدار السنوات القليلة الماضية.