الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا
الإنترنت وفرص المرأة

الإنترنت وفرص المرأة

أتذكر تصريحًا أطلقه المحاورالراحل مفيد فوزى أثناء استضافته فى أحد البرامج التليفزيونية فى نهاية الثمانينيات أوبدايات التسعينيات قال فيه إن الإبداع رجل وإن العبقرية رجل، ودلل على ذلك بعدد الرجال من المبتكرين والمبدعين مقارنة بعدد الناس الذين قاموا بأمور مشابهة، وأتذكر أيضًا أن زوجته الراحلة آمال العمدة ظهرت فى نفس البرنامج فى الأسبوع التالى مباشرة لتحاول أن توضح معنى هذا التصريح وتحاول أن تمتص غضب الإناث.



والرغم من أن ما قاله الراحل لم يكن جديدًا, ولكن يبدو أن مقولة أن ليس كل ما يعرف يقال هى مقولة حكيمة بالفعل، والحقيقة أن تبريرات زوجته الراحلة كانت مقنعة إلى حد كبير، فهى قد تحدثت عن عقود أو فلنقل قرونًا سابقة لم تحظ فيها المرأة بالمساواة ولا بإتاحة الفرص مثلما كان الرجال, ولذلك فإن تدنى نسب مساهمتها فى الإبداع البشرى كانت مبررة ومنطقية، أتذكر أيضًا أنها أشارت إلى أن هذه الظروف تتغير الآن, فالمرأة تتعلم وتعمل وتتقلد المناصب ولم تثبت فشلها فى أى من المجالات التى اقتحمتها.

والحقيقة أن العصر الحالى-عصر المعلومات- يختلف كثيرًا عن العصور السابقة، فالكثير من تلك القيود والحواجز أصبحت غير موجودة تقريبًا، فالإنترنت متاح للجميع، ربما يكون العامل الاقتصادى هو الحاكم لمن يكون لديه القدرة على اقتحام الفضاء الرقمى والتفاعل داخله، الإحصائيات ما تزال تشير إلى تفوق الرجال ولكن بفروق طفيفة عن النساء، ففى عام 2019 كانت نسبة مستخدمى الإنترنت من الرجال نحو 55% من إجمالى العدد, فيما كانت النسبة 48% للنساء، وهو ما تغير- ارتفاعًا- عام 2020 لتصبح نسبة الرجال 62% ونسبة النساء 57% من الإجمالى، أما فى عام 2022 فإن النسبة قد ارتفعت أيضًا لتصبح 69% للرجال فى مقابل 63% للنساء أى أن فى كل مائة رجل نجد 69 منهم يستخدمون الإنترنت فى مقابل 63 لكل مائة سيدة.

النسب السابقة على المستوى الكلى- العالمى- والحقيقة أن تلك النسبب تتباين كثيرًا من منطقة لأخرى، ففى أوروبا نجد النسبة 90% للرجال فى مقابل 89% للنساء، وفى أمريكا نجد المساواة متحققة، فالنسبة 83% لكل منهما، وفى المنطقة العربية تهبط النسبة إلى 75% للرجال فى مقابل 65% للنساء ونجدها فى أدنى مستوياتها فى إفريقيا, حيث تصل إلى 45% للرجال فى مقابل 34% للنساء.

النسب السابقة تشير إلى وجود فجوة فى المنطقة العربية وتتفاقم تلك الفجوة فى إفريقيا بصورة أكبر بل ويمكن اعتبارها أزمة لكل من الجنسين, وهو ما يخلق فجوة أخرى بين الشمال والجنوب على المستوى الرقمى تضاف إلى فجوات أخرى كثيرة تحتاج جميعها إلى خطط واستراتيجيات للمعالجة ومحاولة تقليلها قدر الإمكان.