الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الإسلام والعقل

الإسلام والعقل

عنوان كتاب مهم جدًا للإمام الدكتور عبد الحليم محمود شيخ الأزهر الأسبق، يقول فى مقدمته إنه لا يظن أنه فرحًا فى يوم من الأيام بظهور كتاب له بمقدار فرحته حين ظهر هذا الكتاب فى طبعته الأولى، حيث يبدأ فى مقدمته بالإشارة إلى أن كل من يدرس تاريخ الفكر البشرى يلاحظ أن المسائل العقلية البحتة التى طرحت للبحث العقلى فى العصور القديمة هى نفس المسائل التى طرحت للبحث فى العصور الوسطى وهى نفس المسائل التى تطرح للبحث الآن، وأن القدماء قد حاولوا كما حاول المحدثون اختراع مقياس فيصل للتفرقة بين الحق والباطل، بداية من ارسطو والكندى والفارابى وابن سينا والغزالى وابن باجة وابن طفيل وابن رشد وآخرين، وأن الاختلافات بينهم فى الآراء كانت جذرية بل هدم بعضها البعض الآخر.



ثم يشير الإمام إلى أن العقل المجرد يكون مناسبا تمامًا للأمور العلمية البحتة التى تقوم عليها الحضارة المادية من الإبرة إلى الصاروخ ومن وابور الغاز إلى البوتاجاز على حد تعبيره، أما فى تاريخ الفكر البشرى فإن العقل بمفرده يقف عاجزًا فى مجالات العقائد والأخلاق وهو ما يبرر قيام المولى عز وجل بإرسال الرسل و الكتب السماوية، لتقوم بإضاءة الطريق إلى العقل ومساندته ومساعدته فى الوصول إلى الحقيقة وهو اختلاف جوهرى بين من يعتمد على العقل فقط و من يعتمد على النقل فقط وهو الصراع الذى رأيناه ونراه وسنراه فى المستقبل ايضا.

الكتاب مقسم إلى قسمين رئيسيين، القسم الاول تحت عنوان «فى الفلسفة» والقسم الثانى تحت عنوان «فى علم الكلام»، ولقد راودتنى نفسى على تلخيص الكتاب فى سلسلة من المقالات ثم لم ألبث أن تراجعت عن هذا فى اللحظات الأخيرة مكتفيا بالإشارة إلى وجود مثل تلك التحفة المسطورة فى كتاب صغير لا يتعدى عدد صفحاته المئتين وثمانية وثلاثين صفحة من القطع الصغير، أرى أنه من الواجب على كل انسان أن يقرأه قراءة متأنية واعية ومنفتحة وخاصة أن عنوان الفصل الاول من القسم الاول أتى بعنوان واضح ومبين للفكرة التى يدور حولها الكتاب ألا وهى أن «القرآن هاد للعقل» حيث يشير إلى من يحتكم إلى العقل و يعليه فوق كل الاعتبارات و كيف يصل بهم هذا الاعتقاد إلى أن العقل هو القائد و ليس الدين وهو ما إن كان صحيحًا فإن لا حاجة للوحى كما سبق الإشارة، ولكن المعنى أن الكثير من الأمور لا يمكن للعقل الالمام بها على الإطلاق خاصة الأمور الغيبية وهى ما لا يمكن الوصول اليها إلا من خلال هذا الوحى. يستمر الكتاب فى توضيح الفرق بين العقل والوحى ومناطق التماس والاتفاق أو الاختلاف والشطط حتى يصل إلى فى نهاية الكتاب إلى بيان هذا الفرق بصورة واضحة كما يوضح الفرق بين ما يسمونه الحضارة الحديثة وما يطلق عليه آراء السابقين التى يضعونها موضع التقديس ويبين خطورة تلك الآراء والأفكار مما يعيدنا إلى التأكيد على أن القرآن هاد للعقل و ليس مقيدًا له او متقيدًا به.