أ.د. رضا عوض
ابن سينا.. أمير الأطباء
هو أبو على الحسين بن عبدالله بن الحسن بن على بن سينا، عالم وطبيب وفيلسوف وشاعر مسلم من بخارى، اشتهر بالطب والفلسفة واشتغل بهما.
ولد فى قرية أفشنة بالقرب من بخارى فى أوزبكستان حاليا سنة 980م وتوفى فى همدان فى إيران حاليا 1037م. عُرف باسم الشيخ الرئيس وسماه الغربيون أمير الأطباء وأبا الطب الحديث و«جالينوس الإسلام»، ألف حوالى 450 كتابا كلها كتبت باللغة العربية باستثناء بضعة مؤلفات صغيرة كتبها بلغته الأم الفارسية، بقى منها 240 كتابا فى شتى العلوم منها 40 كتابا فى علوم الطب أشهرها موسوعة الشفاء وموسوعة القانون فى الطب.
أنشا ابن سينا نظاما طبيا حديثا بناء على خبراته الشخصية فى الطب الاغريقى والطب الفارسى القديم والطب الإسلامى والطب الهندى.
ويعتبر ابن سينا هو أبوالطب الحديث عند علماء الطب فى العالم الإسلامى والغربى على السواء وهو أول من كتب عن الطبّ فى العالم.
استطاع الشيخ الرئيس ابن سينا أن يُقدم للإنسانية أعظم الخدمات والاكتشافات؛ فإليه يرجع الفضل فى اكتشاف العديد من الأمراض التى ما زالت منتشرة حتى الآن، إذ إنه أول من كشف عن طفيلة (الإنكلستوما)، وسماها: الدودة المستديرة، كما تطرَّق إلى بعض أنواع الديدان الطفيلية الاخري؛ مثل: ديدان العين، وديدان الفلاريا المسبِّبَة لداء الفيل، كما أنه أول من وصف الالتهاب السحائى، وأول من فرَّق بين الشلل الناجم عن سبب داخلى فى الدماغ والشلل الناتج عن سبب خارجى، ووصف السكتة الدماغية الناتجة عن كثرة الدم، مخالفًا بذلك ما استقرَّ عليه أساطين الطب اليونانى القديم، فضلًا عن أنه أوَّل من فرَّق بين المغص المعوى والكلوي، وكشف فى دقَّة بالغة عن أعراض حصاة المثانة، بعد أن أشار إلى اختلافها عن أعراض الحصاة الكُلوية.
وذكر عدوى السل الرئوي، كما ميز التهاب البلورة (غشاء الرئة) والتهاب السحايا الحاد من التهاب السحايا الثانوي وامراض الجهاز الهضمى وانتقال الأمراض التناسلية، والشذوذ فى تصرفات الإنسان.
وكان ابن سينا صاحب الفضل فى علاج انسداد القناة الدمعية بإدخال مسبار معقَّم فيها! كما كان لابن سينا باع كبير فى مجال أمراض النساء والذكورة، كما كشف ابن سينا - لأوَّل مرَّة أيضًا ـ طرق العدوى لبعض الأمراض المعدية كالجدرى والحصبة، والذى يعد نقطة تحول فى تاريخ الطب البشرى وصاحب فكرة الحجر الصحى للحد من انتشار هذه الأمراض، وذكر أنها تنتقل عن طريق بعض الكائنات الحية الدقيقة فى الماء والجو، وهو ما أكَده (فان ليوتهوك) فى القرن الثامن عشر والعلماء المتأخرُون من بعده، بعد اختراع المجهر.
وأظهر براعة كبيرة ومقدرة فائقة فى علم الجراحة؛ فقد ذكر عدَّة طرق لإيقاف النزيف، سواء بالربط، أو إدخال الفتائل، أو بالكى بالنار، أو بدواء كاوٍ، أو بضغط اللحم فوق العرق. وأشهر أعماله كتاب «القانون» فى الطب الذى ترجم وطبع عدّة مرات: والذى ظل يُدرس فى جامعات أوروبا حتى أواخر القرن التاسع عشر.
ومن أقوال ابن سينا المشهورة (العقل البشرى قوة من قوى النفس لا يستهان بها)، ومن أقواله أيضا: (الوهم نصف الداء، والاطمئنان نصف الدواء، والصبر أول خطوات الشفاء).