الأحد 28 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
قبل زحمة العيد

قبل زحمة العيد

مع اقتراب الأعياد يبدأ الجميع فى الاستعداد بحسب نوع العيد وبحسب متطلباته من طقوس دينية أو ترتيبات للسفر أو شراء ملابس جديدة أو بعض الأطعمة المرتبطة بالعيد وصولًا الى تصفيف الشعر والتزين، ولذلك قررت أن أتجه الى صالون تصفيف الشعر الأقرب الى منزلى للانتهاء من هذه المهمة قبل الهجوم الكاسح والذى يبدأ ربما فى آخر يومين من أيام شهر رمضان وانتهاء قبل صلاة العيد بدقائق، وحتى فى الأيام العادية فإن انتقاء التوقيت المناسب ليس امرًا بسيطًا، فلابد من النظر الى اليوم من الاسبوع وهل يوم إجازة أم يوم عمل كما يجب النظر الى الساعة من اليوم وأيضا الى اعتبارات العام الدراسى والإجازة الصيفية، معادلة بسيطة يقوم البعض بحلها فى كل مرة يرغب فى قص شعره ويحاول قدر الإمكان الالتزام بها لضمان وقت مناسب وزمن أقل للانتهاء.



بالأمس توجهت الى الصالون بالفعل معتمدا على حل المعادلة السابق الإشارة إليها ولكن للأسف يبدو أن للمعادلة متغيرات أخرى لم اطلع عليها، فالصالون مزدحم ولكن لحسن الحظ فكراسى الانتظار ما تزال متاحة -ما هى إلا دقائق حتى امتلأت عن آخرها- ولذلك جلست فى انتظار أن تخلو أحد كراسى الحلاقة بانتهاء أحد الزبائن ولكن بنظرة سريعة أيقنت أن الأمر لن يمر سريعًا، فالزبائن يتفننون فى قص الشعر وتهذيب الذقن وعمل حمامات الكريم وماسكات الوجه وصباغة الشعر وهى أمور تحتاج الى وقت ولكن أثناء تفحصى للرؤوس وجدت أحد الرؤوس لطفل صغير، ربما لم يتعد العاشرة من العمر، يتحدث الى من يقص له شعره بالكثير من الملاحظات حول ما يريده بالضبط، ثم وبعد أن انتهى الرجل من عمله، وجدت الطفل وقد قام بنكش شعره وأشار للرجل إلى أن يقوم بقص الشعر أكثر وهو ما استجاب له الرجل بلا أى تردد ثم عاد بعد ذلك وأعلن أنه قد انتهى من ملاحظات الطفل والذى نظر الى شعره فى المرآة وأعاد «نكش» الشعر مرة أخرى، ثم ما لبث أن ابتسم وأشار إلى الرجل أن يعيد تصفيفه مرة أخرى وأنه موافق على هذا المستوى من طول الشعر، قام الطفل تاركًا الكرسى، توقعت أن استمع الى صوت ابيه أو امه أو أن يتصل تليفونيا بأحد ولكن لم يحدث أى من تلك السيناريوهات، بل اتجه بكل ثقة الى المكتب المجاور لباب الخروج وحيث بادر الرجل الجالس خلفه قائلا» حسابك كام؟»، حيث تمتم الرجل بجملة قصيرة، ما لبث بعدها الطفل أن دفع المطلوب و غادر فى هدوء.

بعد أن غادر الصالون غرقت فى التفكير والإعجاب حول ما رأيت من شجاعة فى التعامل مع العالم الخارجى وحاولت أن أقارن ذلك بجيلنا فى السبعينيات وما قبلها، ثم اعترتنى نظرية المؤامرة فربما للطفل واقعة سابقة جعلته يبدو بهذه الصرامة والثقة أو ربما يكون ابن صاحب الصالون مثلا، وقبل أن انتهى من الاسترسال، وجدتنى جالسًا على نفس الكرسى مسلما رأسى للرجل الذى سألنى السؤال المعتاد «تحب حضرتك نعمل إيه»، نظرت الى وجهه البائس و تذكرت ما فعله به الطفل فقلت له «أى حاجة».