أ.د. رضا عوض
أبو موسى الأشعرى
هو عبـد الله بن قيـس المكنى بـ «أبى موسى الأشعرى» من قبيلة الأشاعرة باليمن، وهو الإمام الكبير، صاحب رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ والفقيه المقرئ، غادر وطنه إلى مكة المكرمة فور سماعه برسـول يدعو إلى التوحيد، وفى مكة جلس بين يدى الرسول صلى الله عليه وسلم، وتلقى عنه تعاليم الإسلام، وعاد إلى بلاده يدعو للإسلام، ثم هاجر إلى الحبشة مع أكثر من خمسين رجلاً ممن أسلموا من قومه، وأقاموا مع جعفر بن أبى طالب وأصحابه هناك، الى ان غادروا جميعا الى المدينة المنورة للقاء الرسول عليه الصلاة والسلام بعد فتح خيبر. ومنذ ذلك اليوم أخذ أبوموسى مكانه العالى بين المؤمنين، فكان فقيهًا حصيفًا ذكيًّا، ويتميز بالإفتاء والقضاء حتى قال عنه الشعبى: «قضاة هذه الأمة أربعة: عمر وعلى وأبوموسى وزيد بن ثابت» وعن أسامة بن زيد، عن صفوان بن سليم، قال: لم يكن يفتى فى المسجد زمن رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ غير هؤلاء: عمر، وعلى، ومعاذ، وأبى موسى. وكان أبو موسى من أهل القرآن حفظًا وفقهًا وعملاً، ومن كلماته المضيئة: «اتبعوا القرآن ولا تطمعوا فى أن يتبعكم القرآن»، وإذا قرأ القرآن فصوته يهز أعماق من يسمعه، فقد كان رقيق القلب وعذب الصوت حتى إن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يتأثر بقراءته للقرآن ويقول له «لقد أوتيت مزمارًا من مزامير آل داود»، وكان عمر بن الخطاب يدعوه للتلاوة قائلاً: «شوقنا إلى ربنا يا أبا موسى».
بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم عاد أبو موسى من اليمن إلى المدينة، ليحمل مسئولياته مع جيوش الإسلام، وفى عهد عمر ولاه البصرة سنة سبعَ عشرة هجرية، وقال عنه الحسن رضى الله عنه: «ما أتى البصرة راكب خير لأهلها منه»، فلم يزل عليها حتى قُتِلَ عمر ــ رضى الله عنه.
كما أن عثمان بن عفان ــ رضى الله عنه ــ ولاه الكوفة، قال الأسود بن يزيد: «لم أرَ بالكوفة من أصحاب محمدٍ ــ صلى الله عليه وسلم ــ أعلم من عليّ بن أبى طالب والأشعرى، كما أبلى القائد العظيم أبوموسى الأشعرى البلاء الكبير فى فتح بلاد فارس، حيث هبط الأشعرى وجيشه على أهل أصبهان وانتصرعليهم، وفى موقعة التستر (20 هـ)، كان أبوموسى أيضًا بطلها الكبير وقائد النصر العظيم.