الثلاثاء 8 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
ظاهرة مخيفة

ظاهرة مخيفة

ظاهرة مخيفة ومرعبة انتشرت فى السنوات الأخيرة فى المجتمع المصرى وإن كانت أقل حدة من مجتمعات أخرى خاصة فى المجتمعات الغربية لكنها غريبة جدًا على المجتمع المصرى وهو مجتمع متدين بطبعه وهى ظاهرة الانتحار التى أصبح انتشارها والسماع بها كل يوم أمرًا عاديًا رغم أننا جميعًا نعرف أن كل الأديان السماوية حرمت قتل النفس.



ما الذى يدفع شابًا فى بداية حياته لإنهائها بيديه وأصبح الأمر معتادًا بعد أن كان نادرًا ما يحدث مثل هذا، لكن فى هذه الأيام من الممكن أن نسمع بانتحار شخص واثنين أو أكثر يوميًا دون أن يحرك ذلك ساكنًا لدرجة يمكن أن نسميها ظاهرة تنتشر بصورة مخيفة خاصة فى وسط الشباب.

وفق دراسة أعدتها أمانة الصحة النفسية وعلاج الإدمان بوزارة الصحة المصرية أكدت أن نسبة 29٫2٪ من طلاب المرحلة الثانوية يعانون من مشكلات نفسية و21٫7٪ منهم يفكرون فى الانتحار فيما شهدت مصر 2584 حالة انتحار عام 2021 وفقًا لإحصائية صادرة من عدد من الجهات بينما أوضحت بيانات الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء أنه على مدار عدة سنوات كانت أكثر الفئات العمرية المعرضة للانتحار هم الشباب خاصة من هم فى العقد الثانى والثالث من حياتهم.

وفى أحدث تقرير له كشف مرصد الأزهر الشريف أن الفترة الأخيرة شهدت بالفعل تكرار حوادث الانتحار بوسائل وطرق متعددة مؤكدًا أن هناك العديد من الأسباب التى تدفع بعض أفراد المجتمع إلى الانتحار.

وفند الأزهر تلك الأسباب بأن من أبرزها المشكلات الاجتماعية والأسرية فقد وقع الكثير من حالات الانتحار بسبب ضغوط ومشكلات اجتماعية ناتجة عن اختلال النظام الأسرى فى التعامل مع الأبناء بداية من الشدة فى التعامل واستخدام العنف والصرامة فى إرشادهم وممارسة أساليب الضغط عليهم فى المراحل التعليمية المختلفة دون الأخذ فى الاعتبار اختلاف درجة استيعاب كل الطلاب.

وأضاف أن تلك المعاملة تأتى بنتائج عكسية خطيرة على الأبناء من بينها انعدام الثقة بالنفس والاكتئاب والإحباط القاتل الذى قد يدفع به إلى الانتحار خوفًا من الرسوب أو الفشل مشيرًا إلى أن الأسرة وباعتبارها نواة المجتمع والمؤسسة التربوية الأولى للفرد فإن على الوالدين وأولياء الأمور تحمل المسئولية الأكبر فى تقديم الدعم المعنوى والنفسى لأبنائهم وذويهم وعليهم أن يبحثوا عن مواهب وقدرات أخرى يتقنها المتعثرون دراسيًا دون أن يجعلوا رسوبهم وصمة عار تلحق بالأسرة.

وتضيف دراسة الأزهر بأن هناك سببًا آخر وهو غياب الوازع الدينى والتردى الأخلاقى وهما من أهم أسباب الانتحار الناتج عن اليأس والقنوط والجزع فالإنسان المؤمن يدرك تمام الإدراك أن الحياة مزيج بين الخير والشر واليسر والعسر فحين تواجهه عقبة من عقبات الحياة فإنه يحاول التغلب عليها بسلاح الصبر على الشدائد وتحمل المكاره وهناك ظروف أخرى مثل الظروف المعيشية الصعبة وفقدان الأحباب والاضطرابات النفسية، وهناك الابتزاز الإلكترونى خاصة للفتيات، وفى النهاية فإن الانتحار جريمة إنسانية يرتكبها الإنسان فى حق نفسه وأهله وأنه مهما كانت المشكلات والصعوبات فعلى الإنسان أن يتحلى بالشجاعة فى مواجهتها، وعلى الآباء أن يكونوا أكثر حرصًا فى التعامل مع مشكلات أبنائهم فبموتهم يخسر المجتمع طاقة من طاقاته البشرية التى يمكن أن تكون أداة بناء تسهم فى تقدم بلادهم ورفعة أوطانهم.

حفظ الله أبناءنا جميعًا وحفظ الله مصر وشعب مصر..