الأربعاء 24 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
جعفر العمدة «الهندى» والسر فى التفاصيل

جعفر العمدة «الهندى» والسر فى التفاصيل

شهد منتصف الثمانينيات حتى أوائل التسعينيات فراغًا فنيًا كبيرًا واستسلامًا تامًا لمرحلة تغيير الجلد التى اسفرت فيما بعد عن صعود نجم النجوم عادل إمام ليتربع على عرش البطل الشعبى بعدها لسنوات .. فى هذا التوقيت تصدرت السينما الهندية المشهد وتحول «اميتاب باتشان» إلى بطل شعبى فى مصر العالم العربى ورواج محال الفيديو كاسيت وتأجير الافلام، فالفكر الهندى والتيمات التى كانت تراهن بها السينما الهندية ونجمها الاسطورى كانت محببة عند قطاع كبير من الجمهور بمصر حتى انفرد الزعيم عادل امام وجلس على عرش شباك التذاكر وتاج البطل الشعبى.



ذكاء «محمد سامي» المتأثر- كما هو واضح من أسلوبه الدرامى- بالاكشن الأمريكانى والسينما الهندية والمزاج المصرى والعربى ساهم فى تمكينه من الخلطة السحرية وخلق منها توليفة سرها فى التفاصيل مرحت فيها موهبة «محمد رمضان» بامتياز.

فى هذه الخلطة مزج «سامى» الحس الشعبى المحقون بتيمة الانتقام ونجح فى تحويل رمضان إلى بطل شعبى على طريقة «باتشان» ولهذا كان هذا النجاح الساحق الذى تحول من فرجة إلى تشجيع فى البيوت والمقاهى وإينما تكون يدرككم رمضان بل شهد النجاح تفاصيل تحدث لأول مرة فى صورة لافتات فى الشوارع وتعليقات بالجملة ترسم صورة النجاح الاسطورى والشعبى للمسلسل. 

كان فى مقدور «سامي» ان يلعب بكارت «سيف» حتى اخر حلقة كما هو متبع ولكنه اختار الصعب حيث كشف عنه مبكرا لأن لديه الجديد من علم علوم تعليق المشاهد ولكى يجعلك مشدودا ومنتبها حتى اخر مشهد وبأن القادم هو الاخطر مستخدما كل قوانين علم النفس فى جذب الانتباه، مما دفع داويش المسلسل إلى التنبؤ بانه ليس ابنه وانه سوف يثبت ذلك بتحليل (DNA) بل ذهبوا لما هو ابعد بان ثريا كانت تخونه مع شخص من بيته او من بيت «فتح الله اعداؤه».

فى أعمال سامى وتحديدًا «البرنس وجعفر» تكمن حرفيته فى اللعب بالتفاصيل، وهو مثل المايسترو كل ممثل مهما كان مساحة دوره له (صولو) أو (ماستر سين) او وصلة من العزف المنفرد لإثبات حضوره وتأثيره. (راجعوا: مشهد هالة صدقى أو صفصف بينما تزور جعفر فى السجن وهى تعقد مقارنة بين شخصيته ووالده وكيف تفوق عليه إنسانيا.. ومشهد أحمد فهيم «سيد» بينما يزور قبر والده، فى حين تحتفظ كل شخصية بمفتاح ويترك له مساحة يتفوق فيها على نفسه بل للتجلى، كما يملك مَلكة اكتشاف النجوم فتشوا عن «روجينا وأحمد زاهر بعد «البرنس»، والآن «مى كساب وإيمان العاصى وزينة ومنه فضالى» بل ومعهن الوجه الجديد «جورى بكر» - (وداد)، ولا تقتصر اكتشافاته فقط على النساء فالرجال نصيب من موهبته، ولاحظوا الصعود المذهل لموهبة «أحمد داش» من البرنس إلى نسل الاغراب وأخيرًا جعفر العمدة راقبوا حالة النضج التى يقف فيها «عصام السقا» او نعيم ، مع الاحتفاظ بحقه فى إعادة اكتشاف الممثل مهما قدم قبله (شاهدوا : من سلوى عثمان إلى طارق النهرى) فسلوى مع سامى تلمع كالذهب دائمًا وطارق النهرى دور «حماده فتح الله» عوضه الغياب بمنحة إلهية مدخرة لانه ممثل عالمى، وهذا العام يفاجأ الجميع ومن بينهم «هالة صدقى «نفسها بظهور مذهل، فمن السهل ان تدخل على سامى من الباب الصغير ممثلا وتخرج من الباب الكبير نجما .. اما كيما الانسجام مع رمضان فى تحتاج لفصل كامل من كتاب مرجعى وهنا انصح الاخير «رمضان» من الهروب من توريط صاحبة السعادة اسعاد يونس وجذبه لمنطقة تسحب من رصيده وعليه الاقتداء بالهضبة «عمرو دياب» بالتقليل من البرامج لان موهبته فى حرفته امام الكاميرات كممثل موهوب بدرجة امتياز، بعكس «هالة صدقى» مع «منى الشاذلى» وكسبت فيها منحة مدخرة وبروزت تألقها فى جعفر العمدة.

أما الشاطر جدا «سامى المصرى» فى مسلسل «جعفر العمدة» فقد بدا متأثرًا بالسينما الهندية وتفاصيلها التى تجتذب المشاهد المصرى ويلعب بها بعد تمصيرها بمذاق شعبى وخلق مدخل لعلم النفس الدرامى وهو من ناحية أخرى خليط من حسن الإمام واسماعيل عبد الحافظ الدرامية فمن الأول اخذ الحس الميولودرامى والشعبى ومن الثانى تعلم منه على تنوع الانفعالات والحرفنة الدرامية وإثراء كل أبطاله بالانفعالات المؤثرة.

والأسئلة التى تفرض نفسها هنا: هل “محمد رمضان” متهم رغم هذا النجاح الأسطورى بالتسبب فى تدنى الذوق العام؟ أم نعيش فعلًا فى فترة جديدة من الفراغ الفنى والفقر الابداعى؟ أم مطلوب تجديد الخطاب الدرامى والتوسط والاعتدال بين المبالغة فى الإشادة والتطرف فى الهجوم؟